كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإذا جاء الجزاء على مقتضى الأصل صالحا للشرطية لم يحتج إلى «فاء» تربطه بالشرط؛ فالأولى خلوّه منها ويجوز اقترانه بها، فإن خلا منها وصدر بمضارع جزم سواء أكان الشرط مضارعا نحو قوله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (¬1) أو ماضيا كقوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها (¬2) وقال الفرزدق (¬3):
4003 - دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا ... عليك يشفوا صدورا ذات توغير (¬4)
وقد يرفع بكثرة إن كان الشرط ماضيا أو منفيّا بـ «لم»، وبقلة إن كان غير ذلك، فالأول كقول زهير:
4004 - وإن أتاه خليل يوم مسألة ... يقول لا غائب مالي ولا حرم (¬5)
وقول أبى صخر (¬6):
4005 - وليس المعنّى بالّذي لا يهيجه ... إلى الشّوق إلّا الهاتفات السّواجع
ولا بالّذي إن بان عنه حبيبه ... يقول - ويخفي الصّبر - إني لجازع (¬7)
-
¬__________
(¬1) سورة الطلاق: 2.
(¬2) سورة هود: 15.
(¬3) انظر ديوانه (1/ 213).
(¬4) هذا البيت من البسيط. الشرح: التوغير الحمى في الصدر والغيظ، وقوله دست رسولا: يريد المرأة التي كان يهواها دست إليه رسولا بأن لا تأتينا، وأن أهلها إن رأوه قاصدا إليها قتلوه.
والشاهد فيه: جزم المضارع «يشفوا» لوقوعه جوابا للشرط مع خلوه من «الفاء» وكون فعل الشرط ماضيا.
وانظر البيت في الكتاب (3/ 69)، والهمع (2/ 60)، والدرر (2/ 77)، وابن السيرافي (2/ 99).
(¬5) هذا البيت من البسيط وهو لزهير، انظر ديوانه (ص 54). والشاهد فيه: رفع المضارع «يقول» الواقع جوابا للشرط لأن الشرط ماض وهو كثير، وانظر البيت في الكتاب (3/ 66)، والمقتضب (2/ 70)، والإنصاف (ص 625)، وابن يعيش (8/ 157).
(¬6) أبو صخر هو: عبد الله بن سالم السّهمي الهذلي، شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، كان متعصبا لبني مروان مواليا لهم. انظر ترجمته في الخزانة (1/ 555).
(¬7) هذان البيتان من الطويل، والمعنى الذي يكابد الشوق، والهاتفات جمع: هاتفة وهي الحمامة:
هتفت الحمامة هتفا، ناحت، والسواجع: من سجع الحمام يسجع سجعا هدل على جهة واحدة، والمراد ب الهاتفات السواجع حمائم الشوق وبان: افترق، وجازع: الجزع نقيض الصبر وفعله: جزع - بالكسر - والشاهد في البيت الثاني: حيث رفع جواب الشرط «يقول» لأن فعل الشرط ماض. وانظر البيتين في التذييل (6/ 829)، والبيت الثاني في الأشموني (4/ 17).

الصفحة 4341