كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ (¬1):
«وما ذهب إليه الكسائي من جواز الابتداء بعد أداة الشرط قد ذكره سيبويه وجها رديئا، فذكر (¬2) أن الاسم قد
يرتفع بعد حرف الشرط بالابتداء إذا كان الخبر فعلا نحو: إن زيد قام أكرمتك، وسهّل ذلك عنده وجود الفعل في الجملة الشرطية فكأنه لم يعدم الفعل، قال (¬3): وعلى هذا ينبغي أن يحمل بيت لبيد:
4015 - فإن أنت لم ينفعك علمك ... ..... (¬4)
فيكون «أنت» مرفوعا بالابتداء لأنه لو حمله على الفعل بعده للزمه أن يقول فإن إياك لم ينفعك علمك ولا يجوز حمل «أنت» على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره قوله: لم ينفعك لأنه يلزم من ذلك تعدي فعل الضمير المرفوع إلى ضميره المتصل المنصوب، إذ يصير التقدير: فإن لم ينفعك، أما من لا يجيز الابتداء بعد أداة الشرط فإنه يذهب إلى [أن] «أنت» مرفوع بفعل محذوف يفسره ما بعده من جهة المعنى لا من جهة اللفظ. التقدير: فإن ضللت، قال: وأجاز السهيلي (¬5) أن يكون «أنت» في موضع نصب، فيكون مما وضع فيه المرفوع موضع المنصوب كما فعل عكس ذلك حين قالوا: لم يضربني إلا إيّاه وفي الحديث الشريف: «من خرج إلى الصّلاة لا ينهزه إلّا إيّاها» (¬6)، فعلى هذا يكون في تخريج البيت - أعني بيت لبيد - ثلاثة أقوال (¬7). -
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 811، 812).
(¬2) في الكتاب (3/ 112): «واعلم أن حروف الجزاء يقبح أن تتقدم الأسماء فيها قبل الأفعال» وقال في (ص 113، 114): «واعلم أن قولهم في الشعر: إن زيد يأتك يكن كذا، وإنما ارتفع على فعل هذا تفسيره».
(¬3) أي أبو حيان.
(¬4) هذا جزء بيت من الطويل وهو للبيد في ديوانه (ص 255) وتمامه:
فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل
واستشهد به الشيخ أبو حيان على أن قوله «أنت» مرفوع بالابتداء، ولا يجوز حمله على الفعل بعده، كما لا يجوز حمله على أنه فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده، والبيت في أمالي السهيلي (ص 43) والعيني (1/ 291) وشرح التصريح (1/ 105)، والهمع (1/ 63، 2/ 59، 114).
(¬5) انظر أمالي السهيلي (ص 42، 43).
(¬6) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - بلفظ لا ينهزه إلا الصلاة» انظر صحيح البخاري بحاشية السندي (1/ 199)، باب فضل صلاة الجماعة (2/ 14).
(¬7) إحداها: أن يكون مبتدأ، والثاني: أن يكون فاعلا بفعل محذوف تقديره: فإن ضللت، والثالث:
أن يكون مفعولا لمحذوف تقديره: فإن إياك لم ينفعك علمك. انظر التذييل (6/ 812).

الصفحة 4347