كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنها: أنك قد عرفت أن حذف هذه «الفاء» لا يجوز إلا في الضرورة والمنقول عن المبرد أنه يجيز ذلك في الكلام (¬1)، وعند سيبويه (¬2) أن ذلك لا يجوز إلا في الشعر قال ابن هشام (¬3): «وهو الصحيح».
وقد أجاز (¬4) بعض النحويين حذفها في السعة إذا كان الشرط ماضيا حملا على:
إن أتيتني آتيك وجعل من ذلك قوله تعالى: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (¬5)، وردّ (¬6) عليه ذلك بأن «إنكم لمشركون» جواب قسم محذوف قبل الشرط التقدير:
والله إن أطعتموهم إنكم لمشركون كما حذف في قوله تعالى: وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ (¬7)، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (¬8).
وقد جاء (¬9) مع حذف «الفاء» حذف المبتدأ الذي دخلت «الفاء» عليه قال الشاعر:
4017 - بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها ... بني ثعل من ينكع العنز ظالم (¬10)
التقدير: فهو ظالم، قالوا (¬11) وحسّن حذف المبتدأ فيه أن «من» الشرطية هنا قريبة من الموصولة، فكأنه توهّم [5/ 155] أن «من» موصولة وإن كان قد -
¬__________
(¬1) ما نقل عن المبرد في هذه المسألة غير صحيح فكلامه في المقتضب صريح في أن حذف «الفاء» لا يجوز إلا في ضرورة الشعر فهو موافق لما ذهب إليه سيبويه، فإذا كان سيبويه يرى أن حذف «الفاء» في قوله: الله يشكرها فالمبرد أيضا لم ير غير ذلك، وأكثر من هذا فإن المبرد يرى أن حذف «الفاء» في الشعر جائز على ضعف، فكيف يجيزه في كلام غير شعر. انظر المقتضب (2/ 70 / 71).
(¬2) انظر الكتاب (3/ 64).
(¬3) هو ابن هشام الخضراوي. انظر التذييل (6/ 817).
(¬4) هذا كلام أبي حيان في التذييل (6/ 819)، وقد نقله المؤلف عنه دون أن يشير.
(¬5) سورة الأنعام: 121.
(¬6) للشيخ أبي حيان. انظر التذييل (6/ 819).
(¬7) سورة المائدة: 73.
(¬8) سورة الأعراف: 23.
(¬9) هذا الكلام نقله الشيخ أبو حيان عن ابن هشام الخضراوي، انظر التذييل (6/ 817).
(¬10) هذا البيت من الطويل وثعل قبيلة في طيئ وبني ثعل منادى حذف منه حرف النداء: أي يا بني ثعل ونكع من نكعت الناقة: جهدتها حلبا والشرب بكسر الشين: الحظ من الماء.
والشاهد في قوله «ظالم» حيث حذف منه المبتدأ مع «الفاء» التي هي جواب الشرط أي: فهو ظالم.
والبيت في الكتاب (3/ 65) والعيني (4/ 448)، والأشموني (4/ 21)، واللسان (نكع).
(¬11) القائل هو أبو حيان. انظر التذييل (6/ 817، 818).

الصفحة 4349