كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبعدم دخول الفاء عليه، وبأن الجواب مسبب عن الشرط، والمسبب لا يتقدم على سببه، وبالتفرقة في المعنى بين التقديم والتأخير، فإنك في التقديم وفي التأخير تثبت الكلام أولا على الشرط «ثم قال (¬1): وأما من أجاز تقديم الجواب على الشرط فمستنده أن الأصل في الكلام أن لا حذف وإذا أمكن استقلال الكلام فلا حاجة إلى تقدير شيء زائد، وأما تخلّف بعض آثار التأخر لأجل التقديم فلا يدل ذلك على الحذف لأن ترك العمل إن قلنا: إن العامل هو الحرف - كما هو القول الأصح - فقد ضعف عمله بالتقدم عليه ولم تبلغ الحروف من القوم في العمل أن تعمل متقدمة مثلها متأخرة، وإن قلنا إن العامل هو المجاورة فشرط عمل المجاورة كونه تابعا لما جاوره، وقد زالت التبعية فزال العمل، وأما كون الفاء لا تدخل حالة التقدم فإنما كان ذلك لأن الفاء خلف عن العمل والعمل مفقود حالة التقديم فكذلك الفاء [5/ 162] وأيضا فإن الفاء إنما هي للعطف وقد زال نظام العطف» انتهى.
وأقول: إن الأمر لا يفتقر إلى شيء من ذلك لأن الصدارة إذا كانت ثابتة لأدوات الشرط كان ذلك كافيا في منع تقديم الجواب.
واعلم أنه قد تقدم احتجاج أبي زيد على أن المتقدم هو نفس الجواب بقول القائل:
4040 - فلم أرقه إن ينج منها .... البيت
ورد الإمام بدر الدين ذلك بقوله: «إن تقدير معطوف عليه خير من تقديم الجزاء على الشرط فذكر الشيخ ذلك (¬2) ثم قال (¬3): ما ذهب إليه أبو زيد في البيت المذكور سهو لأن الفعل المنفي بلم الواقع جزاء لا تدخله الفاء تقول: إن قمت لم أقم ولا يجوز:
إن قمت فلم أقم، فدخل الفاء الجزائية على: لم أرقة لا يجوز إذا كان متأخرا فكيف إذا كان متقدما؟ وإنما هي للعطف على جملة متقدمة في اللفظ أو في التقدير».
ومنها: أنك قد عرفت أنه إذا تقدم دليل الجواب تعيّن أن يكون فعل الشرط ماضيا، ولا يجوز أن يكون غير ماض إلا في الشعر (¬4)، وعلة ذلك (¬5) أن الأداة -
¬__________
(¬1) أي الشيخ أبو حيان. انظر التذييل (6/ 855).
(¬2) انظر التذييل (6/ 855).
(¬3) انظر التذييل (6/ 856).
(¬4) قال سيبويه في الكتاب (3/ 66): «هكذا جرى هذا في كلامهم»، وانظر التذييل (6/ 858).
(¬5) هذا الكلام ذكره الشيخ أبو حيان في التذييل (6/ 858، 859) وقد نقله المؤلف عنه دون أن يشير.

الصفحة 4375