كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فليكن المقرون معه في الذكر وهو الشرط كذلك.
وأما قوله «فإن توالي شرطان بعطف فالجواب لهما معا» واستشهاده بالآية الشريفة فكلام عجيب لأن الآية الشريفة لم يتوال فيها شرطان وليس إلا شرط واحد، وإنما عطف على الفعل الذي هو شرط فعل آخر، على أن الشيخ ذكر نقلا عن المصنف وأقره وقال (¬1): «وقد أطلق المصنف في العطف وفيه تفصيل، لأن العطف إن كان بـ «أو» نحو: إن جاء زيد أو جاءتك هند فأكرمها أو فأكرمه فالجواب لا يكون لهما معا بل لأحدهما، وكذلك إذا كان بالفاء ذكروا ونصوا على أن الشرط إذا كان بالفاء بعد شرط سابق فإنه جواب ذلك الشرط السابق فعلى هذا لا يكون الجواب للشرطين معا إذا كان الحرف «الفاء» بل الجواب للثاني، والثاني المصحوب بـ «الفاء» وجوابه للأول» انتهى.
والذي ذكره الشيخ غير الذي ذكره المصنف، فإن الشيخ أتى في تمثيله بشرطين صريحين كل منهما مقرون بأداة وأما ما ذكره من الحكم إذا كان العطف بـ «أو» أو بـ «الفاء» فإنه أمر معلوم لا يرتاب فيه فيحتاج معه إلى تنبيه، وعلى هذا لا يكون الجواب لهما معا إلا إذا ذكرت أداة الشرط مع المعطوف.
وإذا [قد] عرف هذا فاعلم أنني أورد كلام ابن عصفور على توالي الشرطين أولا ثم كلام الشيخ ثانيا، ثم أتبع ذلك بما سنقف عليه إن شاء الله تعالى.
قال ابن عصفور (¬2): «اجتماع الشرطين فصاعدا بمنزلة اجتماع القسم والشرط في أنك تبني الجواب على المتقدم وتجعل جواب الذي يليه محذوفا لدلالة الشرط المتقدم وجوابه عليه ولا بد إذا ذاك من أن يكون فعل الشرط المتأخر ماضيا لأنه محذوف الجواب فتقول: من أجابني إن دعوته أحسنت إليه، فيكون «أحسنت» جواب «من»، وجواب «إن» يغني عنه «من» وجوابها التقدير: من أجابني أحسنت إليه إن دعوته، فقولك: من أجابني أحسنت إليه هو جواب «إن» حتى كأنك قلت: إن دعوت فمن أجابني أحسنت إليه، فإذا وقع منه الدعاء أولا لشخص
وأجابه ذلك الشخص بعد دعائه إيّاه وجب عليه الإحسان له لأن جواب -
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 879).
(¬2) لم أعثر على هذا الكلام لابن عصفور في المقرب ولا في شرح الجمل. وانظر شرح الجمل (2/ 198) وما بعدها تحقيق أبو جناح.

الصفحة 4388