كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط في التقدير بعد الشرط، وعلى هذا الذي ذكرته تجري الشروط وإن كثرت، فإذا قال الرجل: إن أعطيتك إن وعدتّك إن سألتني فعبدي حرّ فليس يعتق العبد إلا إن بدأ بآخر الشروط، فيكون مبدأ فعله، ويكون أول الشرط آخر فعله، فإن سأله ثم وعده ثم أعطاه لزمه العتق، وإن وقعت الشروط على غير هذا الترتيب لم يلزم العتق، وذلك أنه قد تقدم على الجواب ثلاثة شروط فيجعل الجواب للشرط الأول، وجواب الشرط الثاني محذوف لدلالة الشرط المتقدم وجواب عليه، وإذا كان دالّا عليه فهو الجواب في المعنى، وجوابه الشرط الثالث محذوف لدلالة الشرط الثاني وجوابه عليه، وإذا كان دالّا عليه ومغنيا عنه فهو جواب في المعنى، ولما كان جواب كل شرط بعده وإن تقدم عليه جرى في المعنى على أن يتأخر بعده حتى كأنه قال: إن سألتني فإن وعدتّك فإن أعطيتك فعبدي حرّ، قال الفراء (¬1): سألت عن هذه المسألة عدة من الفقهاء فقال بعضهم: كما قدمنا آنفا، وقال بعضهم: إذا وقع فعل الشرط الأول ثم فعل الثاني ثم فعل الثالث لزم العتق، وقال بعضهم: أيّا ما فعل قدّم أو أخّر لزم العتق» انتهى.
ثم إنه صحح المذهب الأول وأفسد المذهبين الآخرين كما سيأتي الكلام على ذلك. وأما الشيخ فإنه قال (¬2): «لا اختصاص لقوله: شرطان، بل قد يقع شرطان فصاعدا وهما إذ ذاك بمنزلة اجتماع القسم والشرط في أنك تبني الجواب على المتقدم، وتجعل جواب الذي يليه محذوفا لدلالة الشرط المتقدم وجوابه عليه، ويلزم مضي فعل الشرط المتأخر لأنه قد حذف جوابه، ولا يحذف جواب الشرط في فصيح الكلام حتى يكون فعله ماضيا، قال (¬3): وإنما قلنا: في فصيح الكلام لأنه جاء بصيغة المضارع وليس مقرونا بلم قال الشاعر:
4060 - إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا ... منّا معاقل عزّ زانها كرم (¬4)
ثم ذكر ما ذهب إليه المصنف من أن الشرط الثاني مقيد للأول، فكأنه في البيت قال: إن تستغيثوا بنا مذعورين، قال (¬5): وكذا إذا قلت: من أجابني إن دعوته -
¬__________
(¬1) لم أعثر عليه في معاني القرآن. وانظر التذييل (6/ 877).
(¬2) انظر التذييل (6/ 876 - 878).
(¬3) أي الشيخ أبو حيان.
(¬4) سبق شرحه والتعليق عليه.
(¬5) أي الشيخ أبو حيان.

الصفحة 4389