كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني: أن حكمه حكم القسم مع الشرط، فكما أنهما إذا اجتمعا بني الجواب على السابق منهما فكذلك إذا اجتمع الشرطان بجامع ما بينهما من أن الجواب في الموضعين تقدّمه ما يطلبه منهما، فكما بني الجواب على القسم إذا تقدّم الشرط كذلك بني على الشرط إذا تقدم الشرط» انتهى.
وهذان الوجهان اللذان ردّ بهما هذا المذهب هما اللذان رد بهما ابن عصفور، إلا أن الشيخ قال بعد ذلك (¬1): «الفرق بينهما عندي أن الشرط الثاني يمكن أن يكون جوابا للشرط الأول بخلاف القسم إذا تقدم الشرط فإن الشرط لا يمكن أن يكون جوابا له، فلما لم يمكن أن يكون جوابا له وقوي بالتقدم كان الجواب له وحذف جواب الشرط لدلالة جواب القسم عليه، غاية ما يبقى على هذا المذهب حذف الفاء، لكن يدفع هذا المذهب أنا نجد شرطين متواليين لا يمكن تقدير الفاء في الثاني، وذلك إذا كان الأول يكون بعد الثاني نحو البيت الذي أنشدناه من قبل:
4061 - إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا (¬2)
ألا ترى أنه لا يصلح تقدير الفاء هنا.
ومن الفقهاء من ذهب إلى أنه لا يلتفت إلى تقديم فعل منها وتأخيره، بل إذا حصلت الشروط جميعها وقع العتق وكأنه احتمل عنده المذهب الأول والمذهب الثاني، واحتمل أيضا عنده أن يكون أضمر الفاء في الثاني ولم يضمرها في الآخر، واحتمل أيضا عنده أن يضمرها في الثالث ولم يضمرها في الثاني، و [لما] كانت تقادير هذه الاحتمالات وأحكامها متغايرة قال: إذا حصلت هذه الأفعال وقع العتق ولا يقال بالتقديم والتأخير» انتهى.
قال ابن عصفور (¬3): «صاحب هذا المذهب يرى أن الكلام يحتمل أن يكون على ما ذكرناه أولا من بناء الجواب على الشرط الأول، وعلى ما ذكرناه لصاحب المذهب الآخر من جعل الشرط الثاني جوابا للأول وذلك على إضمار الفاء، ثم -
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 878).
(¬2) سبق شرحه والتعليق عليه. وانظر التذييل (6/ 876).
(¬3) لم أعثر على هذا الكلام في المقرب ولا في شرح الجمل.

الصفحة 4391