كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن صيغة «تذعروا» مضارعة، وقد ذكرنا أن هذا إنما جاء في الشعر، قال:
وأفهم كلامه في هذه المسألة [أنه] إذا لم [5/ 167] يكن الشرطان مترتبين فإن كل واحد يقع معنى حيث يقع نطقا نحو: إن أكلت إن ضحكت فأنت حرّ فيكون: إن أكلت أولا لفظا ومعنى، وإن ضحكت ثانيا لفظا ومعنى» انتهى.
وفي قوله مشيرا إلى المصنف: وغرّه في ذلك الوقوف مع ظاهر قوله:
4064 - إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا
نظر لأن المصنف لا يرى [أن] «إن تذعروا» له جواب وذلك أنه يجعله حالا مقيدة لقوله: «إن تستغيثوا» كما تقدم تقرير ذلك عنه، وإذا لم يكن له جواب فلا حذف حينئذ، وإذا لم يكن حذف لم يتعيّن كون فعل الشرط ماضيا.
ثم قال الشيخ (¬1): «وأما قوله تعالى: وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ (¬2) فهذان شرطان متواليان قد حذف جواباتهما على مذهب جمهور البصريين، وقوله تعالى: وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي ينبغي أن يجعل دليل جواب الأول، ويكون جواب الثاني محذوفا لدلالة الشرط وجوابه المحذوف عليه، فيكون محذوف دلّ على محذوف ويصير نظير قولك: أزيد أخاه تضربه، إذ التقدير: أتهين زيدا تضرب أخاه تضربه، فـ «تضرب» الناصب «أخاه» محذوف دلّ على «أتهين» الناصب زيدا فيكون محذوف قد دلّ على محذوف، ودلّ على المحذوف الأول لفظ وهو في الشرط: ولا ينفعكم نصحي، وفي مسألة الاشتغال قولك: تضربه، وهذا على مذهب من أجاز: أزيدا أخاه تضربه، وفي جوازها خلاف، ويكون المعنى في الشرط: إن أردت أن أنصح لكم لا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يغويكم، وقدره المصنف على عادته بالحال فقال (¬3):
التقدير: إن أردت [أن] أنصح مريدا الله غيّكم لا ينفعكم نصحي» انتهى.
ولقائل أن يقول: إذا كان قوله تعالى: وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي دليل جواب «إن أردت أن أنصح لكم» وكان هذا الشرط مع دليل جوابه دليل جواب «إن كان الله يريد أن يغويكم» كان كل من الشرطين كأن جوابه مذكور لقيام الدليل مقام المدلول -
¬__________
(¬1) انظر التذييل (6/ 883).
(¬2) سورة هود: 34.
(¬3) انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1614).

الصفحة 4393