4076 - من يكدني بسيّئ كنت منه ... كالشّجابين حلقه والوريد (¬1)
وقول الآخر:
4077 - إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا ... ملأتم أنفس الأعداء إرهابا (¬2)
وقول الآخر:
4078 - إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا ... منّي وما يسمعوا من صالح دفنوا (¬3)
ثم قال (¬4): وأكثر النحويين يخصون ذلك بالضرورة، ولا أرى ذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» (¬5)، قال: ولأن قائل البيت الأول متمكن من أن يقول بدل: كنت منه: أك منه وقائل الثاني متمكن من أن يقول بدل: وصلناكم: نواصلكم، وبدل: ملأتم: تملأوا، وقائل الثالث متمكن من أن يقول بدل: إن تسمعوا: إن سمعوا وبدل: وما يسمعوا: وما سمعوا.
فإذ لم يقولوا ذلك مع إمكانه علم أنهم غير مضطرين، قال: وقد صرح بجواز ذلك في الاختيار الفراء (¬6) - رحمه الله تعالى - وجعل من ذلك قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (¬7) لأن: ظلت بلفظ الماضي وقد -
¬__________
(¬1) هذا البيت من الخفيف وهو لأبي زيد الطائي في ديوانه (ص 52) و «الشجا» ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره، و «الوريد» عرق غليظ
في العنق، والشاهد فيه كون فعل الشرط مضارعا وهو «يكدني» وجوابه ماضيا وهو «كنت»، ويراه بعضهم مخصوصا بالضرورة، وجوزه ابن مالك، والبيت في المقتضب (2/ 58)، والمقرب (1/ 275)، والتذييل (6/ 897) والخزانة (3/ 654).
(¬2) هذا البيت من البسيط، والصرم: القطع، والإرهاب: مصدر أرهبه اذا أخافه. والشاهد فيه أن الشرط في الموضعين جاء مضارعا والجواب مضارعا. والبيت في التذييل (6/ 897) والعيني (4/ 428) والهمع (2/ 59).
(¬3) هذا البيت من البسيط، وهو لقعنب بن أم صاحب، والسّبّة «ما ينسب به من العيوب. والشاهد فيه مجيء الشرط مضارعا والجزاء ماضيا في الموضعين المذكورين في البيت، وقد خص الجمهور هذا بالضرورة وأجازه ابن مالك والفراء. والبيت في المحتسب (1/ 206)، والتذييل (6/ 897) والمغني (ص 692) وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص 1450).
(¬4) أي ابن مالك.
(¬5) رواه البخاري في باب «فضل ليلة القدر» بلفظ «ومن قام ليلة القدر». انظر صحيح البخاري بحاشية السندي (1/ 343) وانظر الموطأ (1/ 113).
(¬6) انظر معاني القرآن (2/ 276).
(¬7) سورة الشعراء: 4.