كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 9)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإنه ربما كان ماضيا مقرونا بالفاء، وأنه قد يكون مضارعا، واستدل على المسألة الأولى بقوله تعالى: فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ (¬1)، وعلى الثانية بقول الشاعر:
4110 - فلما رأي الرحمن ..... ... فصبّ عليهم ..... (¬2)
على أنه جواب لقوله:
وعلى المسألة الثالثة بقوله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا (¬3) كما عرفت، وقد نوزع في المسائل الثلاث:
أما الأولى (¬4): فقيل: لا دليل له عليها لأنا ندّعي أن الجواب في الآية الشريفة محذوف، والتقدير: فلما نجاهم إلى البر انقسموا قسمين فمنهم مقتصد ومنهم غير مقتصد [فحذف الجواب وحذف المعطوف الذي هو: ومنهم غير مقتصد] لدلالة قوله تعالى: وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (¬5) عليه.
وأما الثانية: فقيل: إن الذي استدل به عليها لا دليل فيه، لأنا ندّعي حذف الجواب أيضا لدلالة المعنى عليه التقدير: انتقم منهم فصب عليهم، كما حذف في قوله تعالى: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (¬6) وفي قول امرئ القيس:
4111 - فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى ... بنا بطن خبت ذي ركام عقنقل (¬7)
-
¬__________
(¬1) سورة لقمان: 32.
(¬2) سبق شرح هذين البيتين.
(¬3) سورة هود: 74.
(¬4) نازعه في ذلك الشيخ أبو حيان. انظر التذييل (6/ 965، 966).
(¬5) سورة لقمان: 32.
(¬6) سورة يوسف: 15.
(¬7) هذا البيت من الطويل وهو لامرئ القيس (ديوانه ص 19).
الشرح: انتحى: اعترض، والخبث: المتسع من بطون الأرض، وقوله ذي ركام يروى بدله ذي قفاف والركام والقفاف: ما ارتفع من الأرض، والعقنقل: الوادي العظيم المتسع.
والشاهد فيه: حذف جواب «لما». والتقدير: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بطن خبت أمنا أو نلت مأمولي، وهذا مذهب البصريين، ومذهب الكوفيين أن «انتحى» هو الجواب و «الواو» زائدة.
والبيت في معاني الفراء (2/ 50، 211)، والمنصف (3/ 75) وشرح الكافية للرضي (2/ 368)، -