كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العاقلات ففعلن وشبهه أولى من فعلت وشبهه. قال الله تعالى: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ (¬1)، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«استوصوا بالنّساء خيرا فإنّهنّ عوان بينكم» (¬2).
قال المصنف (¬3): «ولو قيل في الكلام موضع فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ فعلت في أنفسها؛ وموضع فإنهن عوان: فإنّها عوان، لجاز كقوله تعالى: وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ (¬4) فهذا جاء على طهّرت، ولو جاء على طهّرن لقيل مطهّرات.
ومن استعمال فعلت في ضمير العاقلات قول الشاعر:
198 - وإذا العذارى بالدّخان تلفّعت ... واستعجلت نصب القدور فملّت
درّت بأرزاق العفاة مغالق ... بيديّ من قمع العشار الجلّة (¬5)
وإنما قال: والعاقلات مطلقا ليشمل ما كان للكثرة والقلة فلا فرق بينهما، بخلاف ما إذا كان الجمع بغير العاقل.
وإلى حكم غير العاقل في القلة، وحكم العاقلات لكثرة كانت أو قلة - الإشارة بقوله: وأقلّه والعاقلات مطلقا بالعكس. -
¬__________
(¬1) سورة البقرة: 234، وقد كتبت الآية خطأ في النسخ حيث كانت: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن، وصحتها كما ذكرنا.
(¬2) الحديث في صحيح مسلم (4/ 41) في باب حجة النبي صلّى الله عليه وسلّم. وهو أيضا في صحيح البخاري (7/ 26) من كتاب النكاح؛ باب: الوصاة بالنساء.
(¬3) شرح التسهيل (1/ 130).
(¬4) سورة البقرة: 25.
(¬5) البيتان من بحر الطويل من قصيدة سبق الحديث عنها وعن قائلها.
اللغة: العذارى: جمع عذراء وهي المرأة البكر. تلفّعت: ويروى مكانها تقنعت، ومعناه اتخذت من الدخان قناعا لها. استعجلت: من الاستعجال. القدور: جمع قدر. ملّت: معناه أدخلت اللحم في الرماد الحار. والبيت كله كناية عن اشتداد الزمان. درّت: من الدر ويكون في اللبن وغيره.
العفاة: جمع عاف وهو السائل. مغالق: مفاتيح. قمع: جمع قمعاء وهي الناقة التي لها سنام كبير.
العشار: جمع عشراء، وهي الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر. الجلّة: العظيمة.
والمعنى: يفتخر الشاعر بكرمه فيقول: «إذا اشتد الزمان وجاع الناس وامتهنت الحرائر، فإنني أقوم بذبح النوق العظيمة وأوزعها على الناس».
وشاهده: استعمال فعلن في ضمير العاقلات؛ والأفصح لو قال الشاعر تلفعن واستعجلن.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 130)، وفي التذييل والتكميل (2/ 157)، وفي معجم الشواهد (ص 75).

الصفحة 473