كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ (¬1)، وبِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ (¬2)، وحمزة في لِأَهْلِهِ امْكُثُوا * في الموضعين (¬3)، فإنهما قرآ بالضم على لغة الحجازيين.
ومن العرب من يكسرها بعد كسرة مفصولة بساكن ومنه: أَرْجِهْ وَأَخاهُ * (¬4).
في قراءة ابن ذكوان (¬5) وإشباع حركة هذه الهاء هو الأصل والتزم ذلك بعد متحرك في غير الضرورة (¬6)، إلا عند بني عقيل وبني كلاب كما سيأتي [1/ 146].
أما إذا كان ما قبل الهاء ساكنا فإن الاختلاس يختار على الإشباع.
قال المصنف: «لأن اللافظ بالإشباع بعد ساكن كالجامع بين ساكنين، فلذلك كثر اختلاس الضّمة والكسرة في نحو منه ويأتيه ويرجوه». -
¬__________
- ولد سنة (90 هـ) وتوفي سنة (180 هـ). انظر ترجمته في معجم الأدباء (1/ 215)، والأعلام (2/ 291)، غاية النهاية (1/ 254).
(¬1) سورة الكهف: 63. وقد قرأ حفص بضم الهاء على لغة الحجازيين وقرأ الباقون بكسرها على لغة غيرهم. قال ابن خالويه: الحجة لمن ضم
أنه أتى بلفظ الهاء على أصل ما وجب لها.
والحجة لمن قرأه بالكسر فلمجاورة الياء (الحجة: ص 226).
(¬2) سورة الفتح: 10. وفيها ما في الآية السابقة.
(¬3) أما الموضع الأول فهو قوله تعالى: وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (9) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا [طه: 9، 10]. وأما الثاني فهو قوله تعالى: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا [القصص: 29]. وقد قرأهما حمزة بضم الهاء والباقون بكسرها.
(¬4) موضعان في القرآن أما الأول فهو قوله تعالى: قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ [الأعراف: 111]. وأما الثاني فهو قوله: قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ [الشعراء: 36]. قرأ ابن كثير بالهمز وضم الهاء مع إشباعها، ونافع بغير الهمز وكسر الهاء مع إشباعها، وقراءة حفص عن عاصم بغير الهمز وسكون الهاء، وقراءة ابن ذكوان بالهمز وكسر الهاء.
قال ابن خالويه: وهو عند النحويين غلط لأن الكسر لا يجوز في الهاء إذا سكن ما قبلها كقوله تعالى:
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه: 32] ثم قال: وله وجه في العربية، وذلك أن الهمزة لما سكنت للأمر والهاء بعدها ساكنة على لغة من يسكن الهاء كسرها لالتقاء الساكنين (الحجة: ص 160).
(¬5) هو عبد الرحمن بن أحمد أبو عمر بن ذكوان عالم بالقراءات، كان شيخ الإقراء بالشام ولم يكن في المشرق والمغرب في زمانه أعلم بالقراءة منه. وقد ولد سنة (173 هـ) وتوفي شابّا سنة (202 هـ).
تنظر ترجمته في الأعلام (4/ 64)، غاية النهاية (1/ 364).
(¬6) انظر باب ما يحمل الشعر من كتاب سيبويه (1/ 36) ومن أمثلته قول الشاعر وهو من الوافر:
له زجل كأنه صوت حاد ... إلخ وسيأتي. وقول الآخر وهو من البسيط:
ما حجّ ربّه في الدّنيا ولا اعتمرا

الصفحة 477