كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 10)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والنون والعين والباء والسين والتاء، وتضمّن تمثيله لأحد المثلين بأيما وأتميت الميم فصارت سبعة تضم إلى الخمسة فيكون مجموع الحروف التي تبدل منها الياء اثني عشر حرفا وهي: النون، والميم، والهاء، والعين، والباء، والسين، والتاء، والراء، واللام، والصاد، والضاد، والدال، وقد بقي مما ذكره غير ثلاثة أحرف تبدل الياء منها أيضا وهي: الكاف، والجيم، والتاء؛ فيكون الذي تبدل الياء منه على هذا خمسة عشر حرفا، فأما إبدالها من النون ففي مواضع، وهي: تظنيت وتسنى وأناسي وظرابي ودينار وإيسان. أما تظنيت (¬1): فالأصل فيها: تظننت، وهو تفعلت من الظن والموجب لذلك الفرار من اجتماع الأمثال، وأما: تسنّى، فالأصل فيه: تسنن، أي تغير ومن ذلك قوله تعالى: لَمْ يَتَسَنَّهْ (¬2) بحذف الألف المبدلة من الياء للجزم، والأصل يتسنن، فحصل الإبدال والموجب له الفرار من اجتماع الأمثال أيضا، وقد استدل على أن الأصل تسنن، لا تسنى بقوله تعالى:
مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (¬3) أي متغير؛ فمسنون دلّ على أن الكلام فيه من قبيل المضعف، لا من قبيل المعتل، وأما أناسي: جمع إنسان، وظرابي: جمع ظربان؛ فالأصل: أناسين وظرابين؛ فأبدلت الياء من النون فيهما. قال ابن عصفور: فعاملوا النون معاملة همزة التأنيث لشبهها بها، فكما يبدلونها من همزة التأنيث ياء فيقولون في صحراء: صحاري كذلك فعلوا بنون إنسان وظربان في الجمع (¬4). وأما دينار:
فالأصل فيه دنّار؛ فأبدلت الياء من النون الأولى لثقل التضعيف، ويدل على أن الأصل دنّار قولهم في التصغير: دنينير، وفي الجمع: دنانير (¬5). وأما إيسان فإن الياء فيه بدل من النون الأولى من إنسان. قال الشاعر: -
¬__________
(¬1) قال سيبويه: «هذا باب ما شذ فأبدل مكان اللام الياء لكراهية التضعيف، وليس بمطرد، وذلك قولك: تسريت، وتظنيت، وتقصيت من القصة وأمليت»، وانظر الممتع (1/ 372).
(¬2) سورة البقرة: 259، وقال أبو حيان في التذييل (6/ 199 ب): وأما قوله تعالى: لَمْ يَتَسَنَّهْ فقال أبو عمرو بن العلال: معناه لم يتغير من قوله تعالى: حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر: 26] فسأله أبو عبيدة فقال: وكيف ويتسن من ذوات الياء؟ فقال: هو مثل تظنيت يريد أن الياء بدل من
النون؛ لأنه عنده تفعل من الظن ومن السن وهذه قراءة عامة أهل الكوفة. انظر البحر المحيط (2/ 285، 292).
(¬3) سورة الحجر: 26.
(¬4) الممتع (1/ 372).
(¬5) المرجع السابق (1/ 371).