كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 10)

[التكافؤ بين الحروف]
قال ابن مالك: (وبين الميم والباء، وبين الثّاء والفاء، وبين الكّاف والقاف، وبين الّلام والرّاء، وبين النّون واللّام، وبين العين والحاء).
قال ناظر الجيش: المذكور هنا اثنا عشر حرفا بين كل اثنين منهما تكافؤ في الإبدال:
الحرفان الأولان: الميم، والباء، فمثال إبدال الميم من الباء قولهم: ما زال راتما على كذا، أو راتبا أي: مقيما من الرتبة، وقولهم: بنات بخر، وهن سحائب يأتين قبل الصيف. وقد أجاز أبو الفتح أن يكون كل من الميم والباء أصلا، وجعل ميم المخر في قوله تعالى: وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ (¬1) وقولهم: رأيته من كثم، أي:
من كثب، وقولهم: قيد في بيد، بمعنى غير. ومثال إبدال الباء من الميم قولهم:
با اسمك؟ يريدون: ما اسمك؟ وهي لغة مازنية (¬2)، وقد خاطب بها الواثق المازني حين دخل عليه، وليس في قراءة أبي عمرو: مريم بهتنا (¬3) وبِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (¬4) ولِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً (¬5) إبدال وإدغام، بل ما ذكر عنه محمول على الإخفاء؛ لأن الميم من الحروف التي لا تدغم في مقاربها. والحرفان الثانيان:
الثاء والفاء، فمثال إبدال الثاء من الفاء قولهم: في ثم التي هي حرف عطف: فم، وقالوا: حدف في حدث، وقالوا: فوم بمعنى ثوم، ومثال إبدال الثاء من الفاء قولهم في مغفور: مغثور (¬6)، ودليل على أن الفاء أصل أنهم قالوا: ذهبوا يتمغفرون بالميم، أي: يجنون المغفور، ولم يقولوا: يتمغثرون. الحرفان الثالثان: الكاف والقاف. وقد نص النضر بن شميل عن الخليل أن إبدال القاف من الكاف والفاء من الكاف قليل، فمثال إبدال الكاف من القاف قولهم: عربي كح، وعربية كحة، يريدون: قحّا وقحة، والقح: الخالص من اللوم. وقالوا: كاتحة في فاتحة [6/ 212]. والكتال في القتال، والكصير في القصير. ومثال إبدال القاف من الكاف قولهم: وقنة في وكنة، وهي مأوى الطائر من الجبل، حكاه الخليل، وهو أقل من العكس. والحرفان -
¬__________
(¬1) سورة النحل: 14، وانظر الرضي (3/ 217)، وسر الصناعة (2/ 143، 144).
(¬2) ذكر ذلك أبو الطيب الحلبي في كتاب الإبدال (1/ 42).
(¬3) سورة النساء: 156.
(¬4) سورة الأنعام: 53.
(¬5) سورة النحل: 70.
(¬6) انظر: القلب والإبدال (ص 35).

الصفحة 5247