كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن وروده متصلا قول الآخر:
253 - بلّغت صنع امرئ برّ إخالكه ... إذ لم تزل لاكتساب المجد مبتدرا (¬1)
وأشار بقوله: وكهاء أعطيتكه هاء نحو كنته (¬2) يعني أنه يختار فيها الاتصال على الانفصال وهذا هو اختيار المصنف.
قال الشيخ: «واتّبع فيه الرّمّاني وابن الطّراوة» (¬3).
وفرق المصنف بين هاء خلتكه وهاء كنته، وإن اشتركا في أن كلّا منهما خبر مبتدأ في الأصل - بأن هاء خلتكه حجزه عن الفعل منصوب آخر بخلاف هاء كنته، فإنه شبيه بهاء ضربته في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع، والمرفوع كجزء من الفعل، فكأن الفعل مباشر له؛ فكان مقتضى هذا ألا ينفصل كما لا ينفصل هاء ضربته إلا أنه أجيز الانفصال فيه مرجوحا لا راجحا؛ خلافا لسيبويه ومن تبعه (¬4). -
¬__________
- يكون منادى؛ لأن المعنى على الإخبار لا على النداء والعتاب.
وشاهده واضح من الشرح.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 155)، والتذييل والتكميل (2/ 239)، ومعجم الشواهد (ص 401).
(¬1) البيت من بحر البسيط لم يعز إلى قائل في مراجعه.
اللغة: بلّغت: بلغني الناس. برّ: صادق. إخالكه: أظنك إياه. وهمزة إخال مكسورة وقياسها الفتح.
إذ: تعليلية بمعنى لأنك. مبتدرا: مسرعا. والمعنى: بلغني عنك أنك رجل كريم صادق في وعودك وعطاياك تبحث عن ما يكسبك الحمد والشرف.
انظر البيت في شرح التسهيل (1/ 155)، والتذييل والتكميل (2/ 239)، ومعجم الشواهد (ص 143).
(¬2) هذا هو الباب السادس والأخير.
(¬3) التذييل والتكميل (2/ 239)، شرح التصريح (1/ 108).
وقد سبقت ترجمة ابن الطراوة. وأما الرماني فهو: أبو الحسن علي بن عيسى بن علي، كان إماما في العربية في طبقة الفارسي والسيرافي، أخذ عن الزّجّاج وابن السراج وابن دريد، وله شرح كتاب سيبويه (رسالة دكتوراه بكلية اللغة، د/ متولي الدميري) وله شرح أصول ابن السراج، وشرح المقتضب، ومعاني الحروف، وبعضها مفقود. توفي سنة (384 هـ).
ترجمته في بغية الوعاة (2/ 180)، الأعلام (5/ 134).
(¬4) معناه: أن قولك لرجل شجاع: الفارس كنته - كثير عند ابن مالك؛ لأنه شبيه بضربته وأما كنت إياه فقليل. وعند سيبويه ومن معه: العكس، فالفارس كنت إياه كثير تشبيها بأخي حسبتك إياه؛ لأن كلا الضميرين أصلهما المبتدأ والخبر وأما كنته فقليل.
وقد أخذ رأي سيبويه هذا من قوله في كتابه (2/ 358): «ومثل ذلك كان إيّاه؛ لأنّ كانه قليل، -

الصفحة 533