كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الوارد منه في النثر قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعائشة رضي الله عنها «إيّاك أن تكونيها يا حميراء» (¬1)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم لعمر رضي الله عنه في ابن صياد: «إن يكنه فلن تسلّط عليه، وإن لا يكنه فلا خير لك في قتله» (¬2).
ومن ذلك قول بعض العرب عليه رجل ليسني، وقال سيبويه: «وبلغني عن العرب الموثوق بهم أنّهم يقولون: ليسني، وكذلك كانني» (¬3).
هذا نصه، ولم يحك في الانفصال نثرا إلا قولهم في الاستثناء: «أتوني ليس إيّاك، ولا يكون إيّاك» (¬4). وهذا يتعين انفصاله في غير الضرورة؛ لأن ليس و (لا يكون) فيه واقعان موقع إلا؛ فعومل الضمير بعدهما معاملته بعدها، فلا يقاس على ذلك ما ليس مثله.
والاتصال في قوله:
255 - [عددت قومي كعديد الطّيس] ... إذ ذهب القوم الكرام ليسي (¬5)
من الضرورات؛ لأنه استثناء، ولو لم يكن استثناء لكان الاتصال أولى من الانفصال كما تقرر. انتهى كلام المصنف واستدلاله (¬6).
وقد تكلم الشيخ هنا في جانب المصنف بكلام غير مناسب، وجعله مكابرا ومكاذبا لسيبويه، واعتذر عنه بأنه «قليل الإلمام بكتاب سيبويه، وأنه يلمح شيئا -
¬__________
(¬1) لم أره في كتب الأحاديث، ولم أعثر عليه، وهو في لسان العرب (حمر: 2/ 990)، ومعنى يا حميراء أي يا بيضاء.
(¬2) الحديث بنصه في صحيح مسلم (8/ 189) في كتاب الفتن وأشراط الساعة، تحت باب ذكر ابن صياد: وأصله أن ابن صياد هذا آذى النبي صلّى الله عليه وسلّم بكلام، فقال النبي: «اخسأ فلن تعدو قدرك». فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال له الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: «إن يكنه فلن تسلّط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله».
وهو أيضا بنصه في مسند الإمام أحمد بن حنبل (2/ 148) ولكن بفصل الضمير أي: إن يكن هو، وإلا يكن هو.
(¬3) نصه في كتاب سيبويه (2/ 359).
(¬4) المرجع السابق (الكتاب: 2/ 358).
(¬5) البيتان من الرجز المشطور، وقد سبق الحديث عنهما في الحديث عن نون الوقاية.
وشاهده هنا: اتصال ضمير النصب الواقع خبرا لليس بها، وهو ضرورة عند ابن مالك، والواجب انفصاله لأنه فعل استثناء.
(¬6) شرح التسهيل (1/ 155).

الصفحة 535