كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما أنّه لا يكون وصفا ولا بدلا لنكرة» انتهى (¬1).
وقد ذكر عن جماعة من النحويين موافقة أهل المدينة في ذلك (¬2).
وجعل بعضهم منه قوله تعالى: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ (¬3). قال:
فأربى في موضع نصب (¬4).
وأما الثانية: وهي وقوع ضمير الفصل بين حال وصاحبها، فكالاستثناء من قوله: باقي الابتداء أو منسوخه، ومثال ذلك حكاية الأخفش عن بعض العرب أنه يأتي بالفصل بين الحال وصاحبها، فيقول: ضربت زيدا هو ضاحكا (¬5).
وعلى هذه اللغة قرأ بعضهم: (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) (¬6) بنصب أطهر.
قال الشيخ: «اختلفوا في دخولها بعد تمام الكلام نحو: هذا زيد هو خيرا -
¬__________
(¬1) نص ما قاله سيبويه، قال: «هذا باب لا تكون هي وأخواتها فيه فصلا، ولكن تكون بمنزلة اسم مبتدأ وذلك قولك: ما أظنّ أحدا هو خير منك، وما أجعل رجلا هو أكرم منك، وما إخال رجلا هو أكرم منك؛ لم يجعلوه فصلا ...» إلخ (الكتاب: 2/ 396). وهذا النص يضعف ما جاء عن أهل المدينة من وقوع ضمير الفصل بين نكرتين.
قال الأستاذ عبد السّلام هارون محقق كتاب سيبويه معلقا على ذلك:
قال السيرافي ما ملخصه: «هذا الكلام إذا حمل على ظاهره غلط وسهو؛ لأنّ أهل المدينة لم يحك عنهم إنزال هو منزلتها في النكرة والذي حكي عنهم: (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) [هود: 78] بالنصب، وهؤلاء بناتي جميعا معرفتان، وأطهر لكم منزّل منزلة المعرفة في باب الفصل».
(انظر هامش الكتاب: 2/ 396).
(¬2) هؤلاء الجماعة هم الفراء وهشام ومن تابعهما من الكوفيين (انظر المغني: 2/ 494) وفيه الآية المذكورة.
(¬3) سورة النحل: 92.
(¬4) أي خبرا لتكون، وهي ضمير فصل وهو ضعيف قال أبو البقاء العكبري أَنْ تَكُونَ مخافة أن تكون، وأُمَّةٌ اسم كان أو فاعلها إن جعلت كان التامة، وهِيَ أَرْبى جملة في موضع نصب أو في موضع رفع على الصفة، ولا يجوز أن تكون هِيَ فصلا؛ لأن الاسم الأول نكرة (التبيان في إعراب القرآن: 2/ 806).
(¬5) التذييل والتكميل (2/ 295)، المغني (2/ 494)، الهمع (1/ 68).
(¬6) سورة هود: 78. والقراءة لسعيد بن جبير وعيسى الثقفي وآخرين وهي شاذة (المحتسب لابن جني: 1/ 325) كما خرجت قراءة النصب على غير ضمير الفصل، فقيل: هنّ مبتدأ، ولكم: خبر، وأطهر: حال، وضعفه ابن هشام بأن الحال لا تتقدم على عاملها الظرفي عند أكثرهم (المغني: 2/ 494) والقراءة المشهورة بالرفع على الخبرية.

الصفحة 567