كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما: أن الأمر بالصمت إما أن يكون من أصمت، وإما أن يكون من صمت، فالذي من أصمت مفتوح الهمزة، والذي من صمت مضمومها ومضموم الميم. وإصمت بخلاف ذلك والمنقول لا يغير.
والثاني: أنه قد قيل فيه: إصمتة بهاء التأنيث، ولو كان فعل أمر لم تلحقه هاء التأنيث، وإذا انتفى كونه منقولا من فعل أمر ولم يثبت له استعمال في غير العلمية تعين كونه مرتجلا» انتهى (¬1).
أما كسر الميم فقد تقدم أن ذلك من تغير الأعلام، وأما قطع الهمزة فقال أبو الفتح ابن جني: «قطعها في إصمت لما سمّي به، وهو الّذي شجّع النّحاة على قطع هذه الهمزات إذا سمّي بما هي فيه.
وأمّا لحاق التّاء فليعلموا بذلك أنّه قد فارق موضعه من الفعليّة من حيث كانت هذه التّاء لا تلحق هذا المثال فعلا» (¬2). -
¬__________
(¬1) شرح التسهيل (1/ 172).
(¬2) قال ابن جني في كتابه: المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة (مكتبة القدس والبدير بدمشق مطبعة الترقي سنة 1384) (ص 8).
«وأما الفعل المستقبل المنقول إلى العلم فنحو قولهم في اسم الفلاة إصمت، وإنما هو أمر من قولهم:
صمت يصمت إذا سكت، كأن إنسانا قال لصاحبه في مفازة اصمت يسكته بذلك تسمعا لنبأة أو جسها فسمي المكان بذلك. وهذا نحو ما ذهب إليه أبو عمرو بن العلاء في قول الهذلي:
على أطرقا باليات الخيام ... إلّا الثّمام وإلّا العصيّ
ألا تراه قال: أصله أن رجلا قال لصاحبيه هناك: أطرقا فسمي المكان به فصار علما له، كما صار إصمت علما له. وقطع الهمزة من إصمت مع التسمية به خاليا من ضميره هو الذي شجع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمي بما هي فيه. فإن قلت: فقد قالوا لقيته بوحش إصمتة ولو كان إصمت في الأصل فعلا لما لحقته تاء التأنيث.
قيل: إنما لحقت هذه التاء في هذا المثال على هذا الحدّ ليزيدوا في إيضاح ما انتحوه من النقل، ويعلموا بذلك أنه قد فارق موضعه من الفعلية حيث كانت هذه التاء لا تلحق هذا المثال فعلا، فصار إصمتة في اللفظ بعد النقل كأجربة وأبردة نعم وآنسهم بذلك تأنيث المسمى به وهو الفلاة. وزاد في ذلك أن إصمت ضارع الصفة؛ لأنه من لفظ الفعل وفيه معناه، أعني معنى الصمت وهو جثة لا حدث، وتلك حال قائمة وكريمة ونحو ذلك ...
فإصمت الذي قد تغير لفظه بقطع همزته، ومعناه يكون أقبل للتغيير». (المبهج في تفسير أسماء شعراء ديوان الحماسة لابن جني ص 8، 9).

الصفحة 596