كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 1)

ونودّ أن نقرر أولا أن ناظر الجيش كان يجلّ شيخه، ويوقره، لكن لمّا وقع من الشيخ ما وقع، رد عليه الناظر بنية إحقاق الحق وتقرير الصواب.
نصّ ردّ أبي حيان على ابن مالك في استشهاده بالحديث:
قال أبو حيان (¬1): «فأما استدلاله بالأثر فنقول: قد لهج هذا المصنف في تصانيفه كثيرا بالاستدلال بما وقع في الحديث في إثبات القواعد الكلية في لسان العرب بما روي فيه، وما رأيت أحدا من المتقدمين، ولا المتأخرين سلك
هذه الطريقة غير هذا الرجل؛ على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب - كأبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر، والخليل، وسيبويه من أئمة البصريين، والكسائي، والفراء، وعلي بن مبارك الأحمر، وهشام الضرير من أئمة الكوفيين - لم يفعلوا ذلك، وتبعهم على هذا المسلك المتأخرون من الفريقين، وغيرهم من نحاة الأقاليم، كنحاة بغداد وأهل الأندلس.
وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض المتأخرين الأذكياء، فقال: إنما ترك العلماء ذلك؛ لعدم وثوقهم أن ذلك نفس لفظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ وذلك أن الرواة جوّزوا النقل بالمعنى. قال: وقد وقع اللحن كثيرا في ما روي في الحديث؛ لأن كثيرا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع، ولا يعلمون لسان العرب بصناعة النحو فوقع اللحن في نقلهم وهم لا يعلمون. وأطال الكلام في ذلك إلى أن قال: إن المصنف يستدل بالآثار متعقبا بزعمه على النحويين، وما أمعن النظر في ذلك ولا صحب من [له] التمييز في هذا الفنّ والاستبحار والإمامة؛ ولذلك تضعف استنباطاته من كلام سيبويه، وينسب إليه مذاهب، ويفهم من كلامه مفاهيم لم يذهب سيبويه إليها، ولا أرادها.
وقال لي قاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الحموي، وكان ممن قرأ على المصنف وقد جرى ذكر ابن مالك واستدلاله بما أشرنا إليه، قال:
¬__________
(¬1) انظر ذلك في باب عوامل الجزم (آخر الباب) في شرح التسهيل لناظر الجيش.

الصفحة 70