كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زيد ضربه أبو بكر، وقد قرئ (وسع كرسيه السماوات والأرض) (¬1) على معنى السموات والأرض وسعهما كرسيه، والظاهر أن نحو ضرب أبو بكر زيد لم يقبح من جهة التقديم؛ لأننا لو لم نقدم وقلنا: زيد ضرب أبو بكر لكان قبيحا من جهة حذف العائد، فلما قدم استمر قبحه.
الصورة الثالثة:
أن يقرن الخبر بالفاء أو بإلا لفظا أو معنى.
أما الأول: فنحو الذي يأتيني فله درهم، والعلة في ذلك أن سبب اقترانه بالفاء شبهه بجواب الشرط فلم يجز تقديمه كما لا يجوز تقديم جواب الشرط.
وأما الثاني: فنحو قوله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (¬2).
وأما الثالث (¬3): فنحو قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ (¬4) لأنه في معنى ما أنت إلا نذير، وعلة ذلك أن الحصر مقصود، وإنما يستفاد بالتأخير.
وأشار بقوله: في الاختيار: إلى أن تقديم الخبر المقترن بإلا قد يرد في الشعر [1/ 336] كقول الكميت:
592 - فيا ربّ هل إلّا بك النّصر يرتجى ... عليهم وهل إلّا عليك المعوّل (¬5)
-
¬__________
(¬1) سورة البقرة: 255، والقراءة في التذييل والتكميل (3/ 340) وقد أسندها أبو حيان إلى أبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت (توفي سنة 244 هـ) ولم أجدها في كتب القراءات والتفسير.
وفيها قراءات أخرى غير المشهورة - منها فتح الواو من وسع، وسكون السين، ورفع العين؛ فيكون اسما مبتدأ، وكرسيه بالجر مضاف إليه، والسموات والأرض بالرفع خبره (انظر البحر المحيط 2/ 279، التبيان 1/ 204).
(¬2) سورةآل عمران: 144.
(¬3) أي اقتران الخبر بإلا معنى.
(¬4) سورةهود: 12.
(¬5) البيت من بحر الطويل أسندته مراجعه للكميت كما هنا، وهو في البيت يطلب النصر والقصاص لآل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بني أمية. والمعوّل. معناه: الملجأ والملاذ.
والشاهد فيه قوله: وهل إلا عليك المعول؛ حيث قدم الخبر على المبتدأ مع أن المبتدأ مقصور على الخبر، فالواجب تأخيره لكنه قدم ضرورة.
وقوله: هل إلا بك النصر يرتجى قد يكون فيه شاهد آخر بشرط أن يعرب الجار والمجرور خبرا مقدما، وجملة يرتجى حال، ويخرج من
الشاهد إذا أعربت جملة يرتجى خبرا.
وقال قوم: ليس بشاذ وإن المبتدأ أو الخبر الواجب التأخير في القصر حين تكون الأداة إنما.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 298) والتذييل والتكميل (3/ 341) ومعجم الشواهد (ص 28).

الصفحة 938