كتاب تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يفضي إلى المحذورات المتقدم ذكرها.
والاحتمال الثاني لا يفضي إليها، فكان أولى بمراده، ويؤيد أولويته في إرادته أنه شبه ناصب الظرف بما نصب التمييز في قوله: خير عملا، وناصب التمييز خبر لا مبتدأ فينبغي أن يكون ناصب الظرف خبرا لا مبتدأ؛ فإن ذلك أليق بالنظير وأوفق بالتقدير.
وكذلك قوله: فهذا كلّه انتصب على ما هو فيه وهو غيره؛ ويحتمل أن يريد بما هو فيه المبتدأ، ويحتمل أن يريد به ما حذف من مستقر ونحوه، وهو الأولى لما ذكرت من أن تقديره لا يفضي إلى المحذورات السابقة.
ويؤيد ذلك أيضا قوله: وهو غيره أي ما هو عامل في الظرف غير المبتدأ، واحتاج إلى هذه العبارة لينبه على أن بين المبتدأ والظرف مقدرا وهو خبر المبتدأ وعامل في الظرف، وأنه غير المبتدأ، ولا يصح أن يعاد هو إلى المبتدأ والهاء من غيره إلى الظرف؛ لأن الإعلام بذلك إعلام بما لا يجهل، بخلاف الإعلام بأن ثم مقدرا هو غير المبتدأ وعامل في الظرف؛ فإن الحاجة داعية إليه، ويتأيد ذلك أيضا بقوله: وصار بمنزلة المنوّن الّذي عمل فيما بعده نحو العشرين، ونحو خير منك عملا؛ فإن في صار ضميرا عائدا على ما هو فيه وهو غيره، وقد ثبت أنه ما يقدر من مستقر ونحوه، وجعلت نسبة هذا المقدر من الظرف كنسبة خير من عمل، وفيه أيضا إشعار بأنه لا يريد بما المبتدأ، بل الخبر المقدر؛ لأن خيرا من قوله: خير عملا خبر مبتدأ محذوف تقديره: أنت أو هو خير عملا، وجعل ما هو خبر نظير الخبر أولى من جعله نظير المبتدأ.
ثم قال: فصار زيد خلفك بمنزلة ذاك، أي صار زيد قبل خلفك بمنزلة مستقر؛ لأنه يدل عليه ويجعله في الذهن مشارا إليه (¬1).
ثم قال (¬2): والعامل في خلف الّذي هو في موضعه أي الذي خلف في موضعه، والذي خلف في موضعه هو مستقر أو نحوه من أسماء الفاعلين؛ فإنه الخبر في الحقيقة، والظرف في موضعه؛ لأنه عمدة والظرف فضلة.
ثم قال: والّذي هو في موضع خبره يعني استقر ونحوه من الأفعال الدالة على كون مطلق؛ فإن الظرف إذا علق بفعل، فذلك الفعل في موضع الخبر الأصلي وهو -
¬__________
(¬1) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (1/ 316).
(¬2) القائل ليس ابن مالك وإنما هو سيبويه، انظر الكتاب (1/ 406).

الصفحة 999