كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 1)

وتأخيرها، نحو: الجبد والجدب.
وقيل: المدح أعم من الحمد؛ لأن المدح يكون بأوصاف موجودة وبأوصاف معدومة (¬1)، وأما الحمد فلا يكون إلا بأوصاف موجودة (¬2).
دليل هذا القول: قوله عليه السلام: "احثوا التراب في وجوه المداحين" (¬3) معناه: خيبوهم من العطاء؛ لأنهم إلى الكذب أقرب، ولم يُروَ عنه قط أنه حثا التراب في وجوه المداحين (¬4)؛ لأن أوصافه متحققة موجودة بخلاف غيره، فإن أوصافه متوهمة معدومة.
وها هنا ثلاثة ألفاظ، الحمد، والمدح، والمده، ولا خلاف في (¬5) أن المده بالهاء مرادف للمدح بالحاء؛ لأن الهاء مبدلة من الحاء، وإنما الخلاف فيما
¬__________
(¬1) في ط: "موجودات وأوصاف محذوفة".
(¬2) في ط: "موجودات".
(¬3) أخرجه الإمام مسلم عن همام بن الحارث أن رجلاً جعل يمدح عثمان، فعمد المقداد فحثا على ركبتيه، وكان رجلاً ضخمًا فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب".
انظر: صحيح مسلم، كتاب الزهد، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط (8/ 228).
وأخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في كراهية التمادح، رقم الحديث 4804 (4/ 254).
وأخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب ما جاء في كراهية المداحة والمداحين، رقم الحديث 2395 (7/ 121، 122).
وأخرجه الإمام أحمد في المسند ج 6/ 5.
(¬4) في ط: "في وجه من مدحوا".
(¬5) "في" ساقطة من ط.

الصفحة 17