فكيف تحصر في اللعب واللهو؟
لكن نقول: هذا الحصر مخصوص بمن آثر الدنيا على الآخرة؛ فإنها في حقه لعب، ولهو صرفًا؛ لأن تلك الفضائل لا ينال منها في الآخرة شيئًا (¬1).
ومثال الحصر الخاص أيضًا: قوله عليه السلام: "إنما أنا بشر مثلكم وإنكم (¬2) تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه, فإنما (¬3) أقطع له قطعة من نار" (¬4).
فقوله عليه السلام: "إنما أنا بشر مثلكم" يقتضي حصره عليه السلام في البشرية (¬5) دون غيرها من سائر الأوصاف الجميلة من النبوة والرسالة وغيرهما، مع أنه عليه السلام متصف بسائر الأوصاف الجميلة، فكيف يحصر عليه السلام في البشرية (¬6) دون غيرها؟
لكن نقول: هذا الحصر مخصوص بالاطلاع على بواطن (¬7) الخصوم، فلا صفة له عليه السلام باعتبار هذا المقام إلا البشرية، وأما غير ذلك من سائر الأوصاف الجميلة، فلا مدخل له (¬8) في الاطلاع على
¬__________
(¬1) نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 61.
(¬2) في ز: "وإن كنتم".
(¬3) في ز: "وإنما".
(¬4) في ط وز: "من النار".
(¬5) في ط: "البشرة".
(¬6) في ط: "في البشرة".
(¬7) المثبت من ط وز، وفي الأصل: "مواطن".
(¬8) المثبت من ط وز، ولم ترد كلمة: "له" في الأصل.