السماء، وكذلك جهله بعدد بني آدم وغير ذلك، فإن مثل هذا الجهل لا يخلو منه بشر، فإذا قيل لإنسان: هل تعلم عدد شعرات رأسك؟ فيقول: لا أعلم ذلك بل أجهله، وإذا قيل له: هل تعلم أنك جاهل بذلك أم لا؟ فيقول: أعلم أني جاهل بذلك، فجهله إذًا بسيط لا مركب (¬1).
وإنما لم يذكر المؤلف الجهل البسيط؛ لأنه ليس من أحكام العقل، وهو أصل في الإنسان؛ لأنه متقدم في الوجود على العقل، لقوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} (¬2)؛ ولأجل هذا لم يندرج في التقسيم المذكور، ولم (¬3) يحتج إلى تحديد.
قوله: (إِما غير مطابق وهو: الجهل المركب، أو مطابق) إنما قدم المؤلف غير المطابق وهو الاعتقاد الفاسد على المطابق وهو الاعتقاد الصحيح، مع أن المطابق أولى بالتقدم (¬4) لصحته، فإنما (¬5) فعل ذلك؛ لأن البداية بالقليل أولى من البداية بالكثير ليتفرغ العقل إلى تبيين الكثير.
قوله: (أو مطابق وهو (¬6): إِما لغير موجب وهو: التقليد، أو لموجب).
ش: قسم المؤلف ها هنا الحكم المطابق أي: الموافق للواقع على قسمين:
أحدهما: المستند لموجب.
¬__________
(¬1) ذكر هذا المثال القرافي في شرح التنقيح ص 63.
(¬2) سورة النحل آية رقم 78.
(¬3) "ولم" ساقطة من ط.
(¬4) في ط: "بالتقديم".
(¬5) في ط وز: "وإنما".
(¬6) "وهو" ساقطة من ز.