كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 2)

الفوريات كرد الغصوب، والودائع، والديون، والعواري إذا طلبت، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك أقضية الحكام إذا ثبتت الحجج واجبة (¬1) على الفور، وكذلك إنقاذ الغريق في الماء، وإغاثة الملهوف، وإطعام الجوعان، وإكساء العريان، والتوبة من الذنوب، وكذلك الحج على القول بأنه على الفور، وما في معنى ذلك من سائر الفوريات.
فإن هذه العبادات الفوريات عيّن لها الشرع أوقاتها، فأول (¬2) وقتها أول أزمنة الإمكان، وآخر وقتها الفراغ منها على حسب ما تحتاج إليه من طول وقصر (¬3)، ولكن تعيين الوقت لهذه الفوريات ليس لمصلحة في نفس الوقت، وإنما هو لمصلحة في الفعل المأمور به، فإن هذه العبادات الفوريات تابعة لأسبابها، وإذا (¬4) وقعت أسبابها وقعت، ولا فرق فيها بين سائر الأوقات من ليل أو نهار، فإنها تابعة للأسباب وليست بتابعة للأوقات بخلاف العبادات الوقتيات كالصلوات الخمس، وشهر رمضان، فإنها تابعة للأوقات وليست بتابعة للأسباب.
فتبيّن بما قررناه (¬5): أن العبادة إذا كان وقتها مشتملاً على المصلحة في نفسه فإنها توصف بالأداء والقضاء، أي: توصف بالأداء إذا فعلت في ذلك
¬__________
(¬1) في ط: "وجبت".
(¬2) في ط: "أول".
(¬3) في ط: "أو قصر".
(¬4) في ط وز: "فإذا".
(¬5) في ط: "قدرناه".

الصفحة 13