كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 2)

قال المؤلف في الشرح: الاستدلال بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} لا يتم إلا بمقدمتين، فإنه لا يلزم من نفي التعذيب نفي (¬1) التكليف لاحتمال أن يكون المكلف أطاع فلا تعذيب، مع أن التكليف واقع، أو يكون المكلف عصى، ولكن وقع العفو عنه بفضل الله، أو بالشفاعة، فلا بد من مقدمتين لينتهض (¬2) الاستدلال بالآية: المقدمة الأولى: قولنا: لو كلفوا قبل البعثة لعصوا (¬3) عملاً بالغالب، فإن الغالب على العالم العصيان، لقوله تعالى: {وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (¬4)، وقوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬5).
المقدمة الثانية: قولنا: لو عصوا (¬6) لعذبوا عملاً بالأصل؛ لأن الأصل ترتب المسبب على سببه، فالعصيان (¬7) سبب التعذيب، فترتيب القياس إذًا: لو كلفوا لعصوا، ولو عصوا لعذبوا، فالعذاب لازم لازم التكليف، ولازم اللازم لازم، فانتفاء اللازم الآخر (¬8) يقتضي: انتفاء الملزوم الأول، فيلزم من انتفاء العذاب قبل البعثة انتفاء التكليف قبل البعثة، وهذا معنى قولي: نفي
¬__________
(¬1) في ط: "بعد التكليف".
(¬2) في ز: "لينتظم".
(¬3) في شرح التنقيح للقرافي: "لتركوا".
(¬4) سورة الأعراف آية رقم (102).
(¬5) سورة الأنعام آية رقم (116).
(¬6) في شرح التنقيح للقرافي: "لو تركوا لعوقبوا".
(¬7) في ط وز: "المعصية".
(¬8) في ط: "الأخير".

الصفحة 150