وليس الأمر كذلك؛ إذ لا خلاف بين أرباب السنة والإسلام، أنه لا يشترط في الأمر إنفاذ العقاب في تاركه، لقوله تعالى: {وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (¬1).
والذين يقولون: لا بد من إنفاذ (¬2) الوعيد هم المعتزلة (¬3) الضُلال (¬4).
وقد مر أبو عمرو بن العلاء رضى الله عنه برجل من أهل (¬5) البصرة يتكلم في الوعيد وأنه لا بد من إنفاذه من الله تعالى, فقال له أبو عمرو بن العلاء: من العجمة (¬6) أوتيتم، أما علمتم (¬7) أن الكريم إذا وعد وفا، وإذا توعد (¬8) عفا، ثم أنشد يقول (¬9):
وإني إن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
¬__________
(¬1) آية 30 من سورة الشورى.
(¬2) في ط: "بنفاد".
(¬3) أصول المعتزلة خمسة هي:
1 - التوحيد: ويقصدون به نفي الصفات.
2 - العدل: ويقصدون به نفي القدر.
3 - النبوة: ويقصدون بها السياسة العادلة التي وضعت للمصلحة العامة.
4 - إنفاذ الوعيد: وذلك بتخليد العصاة في النار.
5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وضمنوه جواز الخروج على الأئمة بالقتال.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني المطبوع مع الفصل في الملل والنحل لابن حزم ص 55, 56، شرح الطحاوية ص 250.
(¬4) "الضلال" ساقطة من ط.
(¬5) "أهل" ساقطة من ز.
(¬6) في ز: "العجمية".
(¬7) في ط: "وآتيتم ما علمتم".
(¬8) في ز: "تواعد".
(¬9) المثبت من ط وز، وفي الأصل: "فيقول".