ولكن اختلف سبب سقوط (¬1) الوجوب (¬2) فسبب سقوط الوجوب عن الفاعل: فعله، وسبب سقوط الوجوب عن التارك: تعذر تحصيل تلك المصلحة التي لأجلها وجب الفعل فانتفى الوجوب لتعذر حكمته.
فالسقوط في حق التارك ليس بفعل الفاعل كما ذكره السائل، وإنما السقوط من وجه آخر وهو: عدم حكمة الوجوب؛ وذلك أن الغريق في البحر مثلًا إذا شيل من البحر انتفى التكليف بعد ذلك، فنزول البحر بعد ذلك لا فائدة فيه لعدم [حكمة الوجوب.
فتحصل مما قررناه (¬3): أن التساوي حاصل بين الفاعل والتارك في أصل السقوط، ولا يلزم من] (¬4) حصول التساوي في أصل السقوط حصول التساوي مطلقًا في الثواب وغيره، بل يمتاز الفاعل بالثواب على (¬5) فعله أن فعله تقربًا، وأما غير الفاعل، فإن نوى الفعل ثم سبقه (¬6) إليه غيره، فله ثواب نيته.
يدل (¬7) على ذلك: قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} (¬8)، يؤخذ منه أن
¬__________
(¬1) في ز وط: "السقوط".
(¬2) "الوجوب" ساقطة من ز وط.
(¬3) في ط: "فتفصيل ما قررناه".
(¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(¬5) في ط: "عن".
(¬6) في ط: "سقطه"، وهو تصحيف.
(¬7) في ط: "ويدل".
(¬8) آية رقم 95 من سورة النساء.