كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 3)

وقولنا: حكاية الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال، المراد بهذا الاحتمال: إنما هو الاحتمال المساوي؛ لأنه هو الذي يوجب الإجمال في الدليل كما تقدم من أمثلته (¬1)، وأما الاحتمال (¬2) المرجوح فلا يقدح في الدليل، أي: لا يسقط به الاستدلال؛ لأن جميع الأدلة السمعية يتطرق (¬3) إليها الاحتمال من التخصيص، والتقييد، والمجاز، والاشتراك، والنقل، والإضمار، وغير ذلك كما تقدم في الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ (¬4)، ومع ذلك فلا تؤثر تلك الاحتمالات المرجوحة في الاستدلال (¬5) بالدليل.
فالمراد إذًا بهذه القاعدة التي يسقط بها الاستدلال: إنما هو إذا كان الاحتمال مساويًا للاحتمال (¬6) الآخر، وأما إذا كان أحد الاحتمالين (¬7) مرجوحًا فلا يقدح في الدليل.
قوله: (وخطاب المشافهة لا يتناول من يحدث بعد إِلا بدليل).
ش: معنى (¬8) هذه المسألة: أن الخطاب الوارد في زمان النبي عليه السلام مشافهة، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} (¬9)، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
¬__________
(¬1) في ط: "الأمثلة".
(¬2) في ز: "الإجمال".
(¬3) في ز: "قد تطرق".
(¬4) انظر (2/ 417 - 431) من هذا الكتاب.
(¬5) في ط: "استدلال".
(¬6) في ز: "لاحتمال".
(¬7) المثبت من ز، وفي الأصل وط: "الاحتمال".
(¬8) في ط وز: "معنى".
(¬9) وردت هذه الآية في مواضع كثيرة جدًا، أكتفي بذكر موضع واحد وهو قوله تعالى: =

الصفحة 128