كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 3)

فأما في العبادات: فلأنه أمر بالإتيان بالمأمور به ولم يأت به؛ بل أتى بالمنهي عنه، ومن لم يأت بما أمر به فهو باق في عهدة التكليف.
وهذا معنى قولنا: النهي يدل على الفساد في العبادات (¬1).
وأما في المعاملات: فلأن النهي إنما ورد لدفع (¬2) المفسدة [الكائنة في المنهي عنه، فلو قلنا بثبوت الملك والإذن في التصرف: لكان ذلك تقريرًا (¬3) لتلك المفسدة] (¬4)، والمفسدة لا يجوز تقريرها (¬5).
وأما حجة القائلين بعدم اقتضائه الفساد مطلقًا:
فأما في العبادات: فلأنه لا تنافي بين قول الشارع: [صلِّ وتوضأ، وصلِّ
¬__________
(¬1) ذكر هذا الدليل بمعناه القرافي في شرح التنقيح ص 174.
وذكر المسطاسي وجهًا آخر وهو: أن المندوب لا يجزي عن الواجب، فلو صلى من التطوع ألف ركعة ما ناب له عن صلاة الصبح، وإذا لم يُجزِ المندوب عن الواجب فالمحرم أولى ألا يجزي عنه.
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 77.
(¬2) في ط: "لدرء".
(¬3) في ط: "تقديرًا".
(¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(¬5) ذكر هذا الدليل القرافي في شرح التنقيح ص 174، والمسطاسي في شرح التنقيح ص 77.
وذكر الباجي دليلاً آخر وهو: اتفاق الأمة على الاستدلال بالنهي الوارد في القرآن على فساد المنهي عنه، ومن ذلك استدلالهم على فساد عقد الربا بقوله تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة 278] , واستدلالهم على فساد بيع الغرر بالنهي عنه.
انظر: إحكام الفصول 1/ 130، 131.

الصفحة 38