كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 4)

منقطع على الأصح مع أن المحكوم عليه بعد إِلا هو بعض المحكوم عليه أولاً ومن جنسه) (¬1).
ش: هذا دليل على أن الاستثناء من الجنس قد يكون منقطعًا ولو كان من الجنس إذا حكم فيه بغير نقيض حكم المستثنى منه؛ وذلك أن المحكوم عليه في هذه الآية أولاً هو جملة أفراد الموت والمحكوم عليه بعد إلا هو بعض أفراد الموت ومن جنسه.
قوله: (وكذلك قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا (¬2) أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً} (¬3) منقطع مع أن المحكوم عليه بعد إِلا هو عين (¬4) الأموال التي
¬__________
(¬1) الذي عليه أكثر المفسرين: أن الاستثناء في الآية منقطع، واختلف هؤلاء في معنى إلا، فقدرها أكثرهم بمعنى: لكن، أي لكن ذاقوها في الدنيا، وقيل: هي بمعنى سوى، وضعفه الطبري وقال: بل هي بمعنى بعد، لما بينهما من التجانس في هذا الموضع وساق لذلك أمثلة.
قال أبو حيان: وليس تضعيفه بصحيح، بل يصح المعنى بسوى ويتسق. اهـ.
وذهب بعض المفسرين إلى أن الاستثناء هنا متصل واختلفوا في توجيهه.
فقال قوم: إن ضمير فيها للآخرة، والموت أول أحوالها.
وقال آخرون: إن المؤمن يعاين عند الموت ما يعطاه في الجنة كأنه فيها، فكأنه ذاق الموتة الأولى في الجنة.
قال الآلوسي في هذا القول: ولا يخفى ما فيه من التفكيك مع ارتكاب التجوز. اهـ. ووجه قوم الاتصال بأن المراد بيان استحالة ذوق الموت فيها على الإطلاق، نحو: لن أسقيك شيئًا إلا الجمر. انظر: تفسير الطبري 25/ 76، والقرطبي 16/ 154، وابن كثير 4/ 146، والبحر المحيط 8/ 40، والكشاف 4/ 283، وأبي السعود 8/ 66، وروح المعاني 25/ 136، والتسهيل للغرناطي 4/ 66، وإعراب القرآن للقيسي 2/ 292، وإعراب القرآن للعكبري 4/ 313.
(¬2) "ولا تأكلوا" في أ، وهو خطأ.
(¬3) سورة النساء آية رقم 29.
(¬4) "غير" في ز.

الصفحة 74