كتاب رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (اسم الجزء: 5)

امرأة أخرى فألقت جنينًا ميتًا فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالغرة (¬1)، فقال عمر رضي الله عنه: لو (¬2) لم نسمع هذا لقضينا فيه برأينا (¬3)، وغير ذلك من أخبار كثيرة لا تعد ولا تحصى.
وأما القياس: فبالقياس على الفتوى والشهادة، لأن كل واحد منهما خبر واحد.
حجة القول بعدم جواز التعبد به عقلاً (¬4): أن التكاليف تعتمد تحصيل المصالح ودرء المفاسد، وذلك يقتضي أن تكون المصلحة والمفسدة معلومة، وخبر الواحد إنما يفيد الظن، والظن يجوز (¬5) خطؤه فيقع المكلف في الجهل والفساد (¬6) وهو غير سائغ (¬7).
¬__________
(¬1) فسرت روايات الحديث الغرة بأنها عبد أو أمة، وهذا الذي عليه جمهور المحدثين وقد ذكره أهل اللغة، فانظر: فتح الباري 12/ 249، والصحاح، ومعجم مقاييس اللغة مادة (غر).
(¬2) "فلو" في الأصل، والمثبت من ز وهو في روايات الحديث.
(¬3) أخرجه بقريب مما هنا عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس برقم 18343، وعن طاوس عن أبيه برقم 18342، وأخرجه أبو داود عن طاوس برقم 4573، والبيهقي في الكبرى 8/ 114، وأخرجه أبو داود عن ابن عباس برقم 4572 وليس فيه قول عمر الأخير، وكذا أخرجه البيهقي في الكبرى 8/ 43، والنسائي 8/ 47، وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم برقم 1681.
(¬4) نسبه ابن الحاجب في مختصره للجبائي فانظره 2/ 58، وانظر هذا القول في اللمع ص 211، والتبصرة ص 301، والمعتمد 2/ 583، والبرهان فقرة 539، وإحكام الفصول للباجي 1/ 303، والمحصول 2/ 1/ 507.
(¬5) "يعشون" في ز.
(¬6) "معلومة" زيادة في ز.
(¬7) انظر: شرح القرافي ص 357، والمسطاسي ص 104.

الصفحة 72