وأما الكافر من أهل القبلة، وهو المبتدع فقد بينه المؤلف بقوله: (واختلف في المبتدعة إِذا كفرناهم، فعند القاضي أبي بكر منا وعند القاضي عبد الجبار لا تقبل روايتهم، وفصّل فخر الدين وأبو الحسين بين من يبيح الكذب وغيره).
ش: ففي قبول رواية المبتدعة ثلاثة أقوال، ثالثها: التفصيل بين من يبيح الكذب فلا تقبل روايته، و (¬1) من لا يبيحه فتقبل روايته.
حجة القول بالمنع مطلقًا، وهو مذهب مالك رحمه الله (¬2): [فإنهم إما
¬__________
= ونصه: وحجتنا في ذلك قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}، أي من غير دينكم ... ففيه تنصيص على جواز شهادتهم على وصية المسلم، ومن ضرورة جواز شهادتهم على وصية المسلم جوازها على وصية الكافر، وما يثبت بضرورة النص فهو كالمنصوص، ثم انتسخ ذلك في حق المسلم بانتساخ حكم ولا يتهم على المسلمين، فبقي حكم الشهادة فيما بينهم على ما ثبت بضرورة النص. اهـ. انظر: المبسوط 6/ 134.
وخلاف أبي حنيفة هو ما قاله ابن الحاجب في المختصر في شروط الراوي، قال: وفيها الإسلام للإجماع، وأبو حنيفة وإن قبل شهادة بعضهم على بعض لم يقبل روايتهم. اهـ. انظر المختصر: 2/ 62.
وهذا يصرح به الحنفية في كتبهم وينكره عليهم الأئمة، وإن كان عن أحمد فيه رواية ضعيفة، فانظر المبسوط 16/ 133، 134، وبدائع الصنائع للكاساني 6/ 280، والجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري 2/ 333، والمغني 9/ 184، والإفصاح 2/ 60.
قلت: ولعل الشوشاوي تبع القرافي في هذه النسبة إذ قد ذكر هذه المسألة القرافي في شرحه ص 359، وكذا صنع المسطاسي ص 106.
(¬1) "بين" زيادة في ز.
(¬2) وبه قال الشيرازي في اللمع ص 222، ونقله صاحب المعتمد 2/ 618، عن عبد الجبار، وحكاه الرازي في المحصول 2/ 1/ 567، والآمدي في إحكامه 2/ 73، وحكاه أبو الخطاب في التمهيد 3/ 115 عن أبي يعلى، انظر رأيه في: العدة 3/ 948 - 952.