كتاب الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم
استعصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كمجاهد وقتادة عن ابن عباس رضي الله عنهما, وروي عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أنها المدينة حين قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ومنهم من قال: إنها قرية غير معينة, ولذلك جاءت القرية بصيغة التنكير. (¬١)
وأما ما جاء من وصف هذه القرية فقد حصل لأهل مكة, وبينه الله عز وجل في آيات كثيرة من كتابه, فقوله عز وجل: {كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} أخبر الله أنه أنعم على أهل مكة بالأمن حيث كان الناس في خوف فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (٦٧)} [العنكبوت:٦٧] وبين أنهم مع نعمة الأمن فإن رزقهم وطعامهم يأتيهم في ديارهم وهذه نعمة أخرى عظيمة, كما قال تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٧)} [القصص: ٥٧] وقال: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (٢) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (٤)} [قريش:١ - ٤]. وجعل هذا الرزق متجددا متنوعا ولذلك عبر عنها بالمضارع فقال: (يأتيها) (¬٢)
وأما قوله عن القرية: {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ} فقد دل عليها قوله عز وجل عن كفار مكة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨)} ... [إبراهيم: ٢٨].
---------------
(¬١) انظر: جامع البيان (١٧/ ٣٠٩, ٣١٠). أضواء البيان (٢/ ١٩٩).
(¬٢) انظر: روح المعاني (١٤/ ٢٤٢).