كتاب الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الهرة: (إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات) (¬١) , إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي بينت الحِكم من الأوامر والنواهي (¬٢).
وقد سار على ذلك الصحابة رضي الله عنهم في بيان الأحكام مع ذكر عللها وحِكمها
فقد كان جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه بعد أن كثر القتل في القراء في معركة اليمامة خشية ضياع القرآن وحفظا للدين.
كما نفى عمر الفاروق رضي الله عنه نصر بن حجاج (¬٣) خشية افتتان الناس به لجماله حفظا للعرض والنسل.
وفي زمن عثمان رضي الله عنه شُرِع الأذان الأول للجمعة ليتهيأ الناس للصلاة حتى لا تفوتهم وذلك لما كثر الناس, فإذا أذن المؤذن بين يدي الخطيب وإذا هم قد تهيؤا للخطبة وحين أتم في السفر قال: (ولكني إمام الناس فينظر إلي الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين فيقولوا: هكذا فرضت) إلى غير ذلك من الأمثلة (¬٤).
وعلى ذلك سار سلف الأمة من التابعين ومن بعدهم وذلك ببيان حكمة النص أو بالنظر في النوازل وما فيها من مصالح لتطبيقها بين الناس.
---------------
(¬١) أخرجه أبو داود في السنن, كتاب الطهارة, باب سؤر الهرة برقم (٧٥) , والترمذي في جامعه كتاب الطهارة باب سؤر الهرة برقم (٩٢) وقال: هذا حديث حسن صحيح وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعي و أحمد و إسحاق لم يروا بسؤر الهرة بأسا وهذا أحسن شيء روي في هذا الباب وقد جود مالك هذا الحديث عن عبد الله بن أبي طلحة ولم يأت به أحد أتم من مالك. وصححه الألباني (إرواء الغليل ١/ ١٩٢).
(¬٢) للاستزادة من الأمثلة في القرآن والسنة يرجع إلى: تعليل الأحكام (ص ١٥ - ٣٠) , أضواء البيان (٣/ ١٢٩, ١٣٠).
(¬٣) نصر بن حجاج بن علاط السلمي من أولاد الصحابة ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذو هيئة حسنة (الإصابة ٦/ ٤٨٥).
(¬٤) انظر: تعليل الأحكام (ص ٦٥, ١٤٤) , أهمية المقاصد في الشريعة الإسلامية, سميح الجندي (ص ٤١ - ٤٥)

الصفحة 5