كتاب العاقبة في ذكر الموت

وَلَا بُد يَوْمًا لَهُ أَن يَصِيح ... ويبدي شجاه وأعواله
وَلَا أحد مستجيب لَهُ ... وَلَا أحد كاشف حَاله
وتأتيه فِي سربه روعة ... تقطع بِالْمَوْتِ أوصاله
ويطرح فَرد بدار البلى ... وَيتْرك فِيهَا وأعماله
فكم قَائِل عَنهُ لَا يبعدن ... وَكم قَائِل فِيهِ أولى لَهُ
فَقل للَّذي شاد سُلْطَانه ... وَطول مَا شَاءَ آماله
تأهب لتصدع صدع الزّجاج ... وتلحق هَذَا وَأَمْثَاله
وَتحمل مِمَّا جمعت الأجاج ... ونترك للنَّاس سلساله
وَإِن مَا نسيت فَلَا تنسين ... ن يَوْم الْحساب وأهواله
هُنَالك تعلم عُقبى الذُّنُوب
وشؤم الْخلاف وأنكاله
يَا بؤس الدُّنْيَا شدما عَن ثديها فطمتهم وَمن سمها أطعمتهم وبيدها الباطشة لطمتهم وَفِي ظلمات الأَرْض وغيابات الثرى طرحتهم فقلبت قَائِم تِلْكَ الْأَعْيَان وطمست تِلْكَ الْوُجُوه الحسان وأعمت تِلْكَ الْأَبْصَار وأصمت تِلْكَ الآذان وأسالت الأحداق على الخدود والوجنات وغسلت بالصديد جميل القسمات وملأت بِالتُّرَابِ اللهازم واللهوات وَكسرت تِلْكَ الضواحك والرباعيات وعبثت بجسوم أُولَئِكَ الفتيان والفتيات
لطالما أغربوا ضاحكين وتقلبوا فاكهين وَبَاتُوا على سررهم مُطْمَئِنين آمِنين فكم بهَا من لِسَان فصيح فصيح لطال مَا أنْشد وخطب وأرهب وَرغب ومدح فأطنب وَكم بهَا الْآن من فصيح لِسَان وعظيم بَيَان أخرسه الْحدثَان وتحكمت فِيهِ الْهَوَام والديدان
وأنشدوا
وَذي بَيَان إِذا مَا قَالَ أَو خطبا ... أَتَى بِسحر يزين القَوْل والخطبا

الصفحة 55