كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

{فَمَا جَزَاؤُهُ} حكمه وحده والهاء عائد إلى الفعل وهو السّرق، إنما سألهم يوسف ليحكموا بشيء فيأخذ بحكمهم ولا يأخذ بحكم أهل مصر.
{قَالُوا جَزَاؤُهُ} أي السرقة، وحدُّها هو حبس {مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ} واسترقاقه {نَجْزِي الظَّالِمِينَ} فما بينا شريعتنا، (الوعاء): الظرف، والمراد به الجوالق، وإنما بدأ بأوعيتهم لئلا يعلموا بأنه حيلة {اسْتَخْرَجَهَا} أي الصاع وهو يذكر ويؤنث.
{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} في سلطان الملك (¬1) وطاعته إلا بمشيئة الله، قيل: شاء الله ذلك وأذن له فيها بإلهامه الكيد، ويقال: لم يشأ الله ذلك ولذلك وفقه لسؤال إخوته {فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ} فأخذ بقولهم وحكمهم دون حكم الملك.
{فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ} يعنون يوسف، وهب: أنه خبأ طعامًا من المائدة للفقراء وكان صبيًا (¬2)، كعب: رفع عناقًا عن السائمة إلى السائل، قتادة وابن جبير: سرق (¬3) صنمًا كان لأبي أمه في بيت يعقوب فألقاه بين الجيف وغطاه في التراب، مجاهد (¬4): أن عمّته رحمة بنت إسحاق احتضنته بعد موت أمه، فلما شب ألفَتْه ولم تحب أن ينتزعه يعقوب -عليه السلام- منها، فشدت على وسطه من تحت القميص منطقة أبيها، ثم افتقدتها فأوهمت أنها وجدته عند يوسف وأنه كان استرقها، فأمسكته عند نفسها بهذه
¬__________
(¬1) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - والضحاك، أخرجه عنهما الطبري في تفسيره (13/ 264)، وابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2176)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (4/ 27) إلى ابن أبي شيبة وأبي الشيخ.
(¬2) رواه عطاء عن ابن عباس كما في زاد المسير (4/ 263)، ورواه عن عطية كما عند ابن جرير (13/ 273).
(¬3) أما عن سعيد بن جبير فذكره ابن جرير (13/ 272، 273)، وابن أبي حاتم (7/ 2177)، وأما عن قتادة فرواه ابن جرير (13/ 273)، وهو مروي عن زيد بن أسلم وابن عباس.
(¬4) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (4/ 363).

الصفحة 1011