كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
الحيلة، فلما ذكر إخوة يوسف ذلك الأمر بأقبح صورة، فساء يوسف قولهم: {قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} منزلة.
{مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} ولم يقل: إلا السارق لأنه علم أن بنيامين ليس بسارق، فلذلك عرض قوله: {إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ} إن أمسكنا غير بنيامين لأن بنيامين (¬1) كان راضيًا بالإمساك وغيره لم يكن راضيًا به.
{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا} افتعال من اليأس أو من الإياس (¬2)، {خَلَصُوا نَجِيًّا} خرجوا متناجين {أَلَمْ تَعْلَمُوا} تفريطكم فيه من قبل {كَبِيرُهُمْ} كعب: أنه روبيل أكبرهم سنًا (¬3)، وهب: يهودا كان أرجحهم عقلًا (¬4)، {أَبْرَحَ} أزول {أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ} في تخليص بنيامين والرجوع معه.
{إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} أي بما علمنا من طريق المشاهدة، وهو استخراج الصاع من رحله {وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ} لما لم نشاهده من كيفية (¬5) الدس: أكان كدس البضاعة في رحالنا أول مرة، أو كان خيانة من جهة بنيامين؟.
كان يعقوب -عليه السلام- برده عليهم بقوله: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} (¬6) صادقًا لأن بنيامين لم يكن سرق في الحقيقة، وفي {سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} صادقًا أيضًا؛ لأن هذه الحادثة الثانية كانت من جريرة أنفسهم إياهم أول مرة في شأن يوسف -عليه السلام- {بِهِمْ} بيوسف وبنيامين وكبيرهم.
¬__________
(¬1) (لأن بنيامين) ليست في الأصل.
(¬2) في "أ": (الباس).
(¬3) هذا مروي عن قتادة كما عند ابن جرير (13/ 283)، وابن أبي حاتم (7/ 2181). وأما عن كعب فلم نجده.
(¬4) عزاه لابن عباس من طريق أبي صالح ابن الجوزي في زاد المسير (4/ 266).
(¬5) في "ب": (لا من كيفية).
(¬6) (أنفسكم أمرًا) ليست في "ب" "ي".