كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
{هَلْ عَلِمْتُمْ} على سبيل العتاب لئلا يعتقدوا أن لا ملام عليهم في الحقيقة أو الندامة والخجل عند العتاب، وإنما ذكر جهلهم ليمهّد لهم عذرًا فلا يخافوا (¬1) كل الخوف كقوله: {يَعْمَلُونَ (¬2) السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: 17] وأراد علمهم بقبح صنيعهم (¬3) فكأنه يقول (¬4): هل تبين؟ هل وضح لكم قبح ما صنعتم بيوسف وأخيه إذ كنتم جاهلين فالعامل (¬5) في (إذْ) صنعهم (¬6)، أما صنيعهم (¬7) بيوسف فظاهر وصنيعهم بأخيه سلبهم أخاه وتركه فردًا وحيدًا، وتركهم إياه عند يوسف متهمًا بالسرقة من غير بينة واعتراف، إذ يمكنهم أن يقولوا أنت أمرت بدس الصاع في رحله (¬8)، كما أمرت بدس بضاعتنا في رحالنا أول مرة.
{أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي} زاد الجواب لئلا يفرد نفسه بالثناء عليها فيتداخله العجب فيردّه من حيز الشكر إلى حيز الفقر.
{آثَرَكَ} اختارك {لَخَاطِئِينَ} آثمين من الخطأ (¬9)، والخطيئة: الإثم وتعمد الخطأ.
{لَا تَثْرِيبَ} لا تقريع وتقرير الذنوب.
{اذْهَبُوا بِقَمِيصِي} قيل: كان القميص من كسوة الجنة كساه الله
¬__________
(¬1) في الأصل و"أ": (يخافون).
(¬2) (يعملون) ليست في "أ" "ب".
(¬3) في "ب": (قبح صنيعكم)، وفي "ي": (قبح صنيعهم).
(¬4) في "ب": (قال).
(¬5) في الأصل و"أ": (قالوا بل).
(¬6) في "ب": (صنيعهم).
(¬7) في "ب": (صنيعهم).
(¬8) في "ب": (رحل).
(¬9) هكذا روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ذكره ابن الجوزي في تفسيره. قال ابن الأنباري: اختير "خاطئين" على "مخطئين" وإن كان "أخطأ" على ألسن الناس أكثر من "خطىء يخطأ" لأن معنى خطىء أثم ومعنى أخطأ يخطئ فهو مخطئ ترك الصواب ولم يأثم.
[زاد المسير (2/ 469)].