كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
"لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدًا عيشٌ، ولولا وعيده وعقابه لاتّكلَ كلُّ أحدٍ (¬1) " (¬2).
{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ} ملجئة من ربه {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} قال قتادة: إنما أنت منذر وهادٍ (¬3) لكل قوم ولست بملجىء قاهرٍ، وقال مجاهد: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} ولست بملجىء ولا قاهر (¬4). {وَلِكُلِّ قَوْمٍ} فيما مضى كان {هَادٍ} ومنذر مثلك، وقيل: إنما أنت منذر ولست بقادر على إنزال الآيات وخلق الهداية فيهم، ولكل قوم هادٍ واحد لا ثاني له اتصال ما بعدها بها من حيث تكرار التعريف والتنبيه على التوحيد.
{مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى} ماهية وكيفية {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} كمية وتغيرًا (¬5) {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} دليل أن الكمية متناهية إلى المقدار.
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} قيل: خمس لا يعلمها إلا الله وهو قوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الآية.
{وَسَارِبٌ} خارج، يقال: ضلَّ سربه أي طريقه.
{لَهُ} عائد إلى الرجلين ممن أسر القول أو جهر أو من استخفى بالليل وسرب بالنهار. {مُعَقِّبَاتٌ} جماعات من الملائكة تعقب جماعة جماعة وتعقيب بعضهم بعضًا {يَحْفَظُونَهُ} على الحالة الرضية، وعن الحسن:
¬__________
(¬1) في "ب" "ي": (واحد).
(¬2) رواه ابن أبي حاتم (7/ 2224)، وهو مع إرساله في سنده ضعف.
(¬3) ابن جرير (13/ 438).
(¬4) هناك قول آخر عن مجاهد والمذكور لم أجده.
(¬5) قوله: {وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ} [الرّعد: 8] إذا رأت الدم دون التسعة أشهر فوضعت حملها {وَمَا تَزْدَادُ} [الرّعد: 8] وهو ما زاد على التسعة أشهر حتى تضع الولد، وبه قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وسعيد بن جبير ومجاهد، أخرجه الطبري عنهم.
[تفسير الطبري (13/ 445 - 446)، وابن أبي حاتم (7/ 2228)].