كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

{كَذَلِكَ} إشارة إلى قوله: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ} أو إلى قوله: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} ويحتمل إلى ما بعده من البيان والكيفية، أي كما تقول ويتبين {يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} الله تعالى، وقيل: هو إنكارهم تسميته وإلحادهم إلى كذاب اليمامة.
{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} جوابه متقدم والفعل المشروط مضمر اكتفاءً بدلالة الاسم عليه، تقديره: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} موصوفًا بهذه الصفات (¬1) أنزل عليهم فالقرآن دالٌّ على الإنزال، مجازه أنهم يكفرون بالرحمن ويصرون (¬2) على كفرهم وإن أنزل إليهم قرآن موصوف بهذه الصفات، وكذلك قوله. {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} [يونس: 97،96].
وقيل: جواب (لو) محذوف تقديره ولو أن قرآنًا موصوفًا بهذه الصفات قرئ عليهم آمنوا على سبيل الإلجاء لم يك ينفعهم إيمانهم (¬3)، ويحتمل أن الكفار قالوا قبل النزول (¬4) على سبيل الاقتراح: لو أن قرآنًا كذا وكذا أنزل علينا لآمنَّا، أو كان المؤمنون قالوا على سبيل الاستفهام والحرص: لو أن قرآنًا كذا وكذا أنزل إلى (¬5) هؤلاء المشركين لآمنوا {سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} نحيت عن مواضعها ليبرز ما تحت الأرض {أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ} السير فيها على غير العادة، والتشديد (¬6) للتكثير
¬__________
(¬1) (الصفات) ليست في "أ".
(¬2) في الأصل و"أ": (ويصبرون).
(¬3) يمكن أن يكون تقدير الجواب في قوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} [الرّعد: 31] هو: لما آمنوا، أو لكان هذا القرآن، ونقل عن الفراء أن جواب "لو" هي الجملة من قوله: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ} [الرّعد: 30] ففي الكلام تقديم وتأخير وما بينهما اعتراض.
[معاني القرآن للفراء (2/ 63)، الدر المصون (7/ 51)].
(¬4) في الأصل و"ي": (الزوال).
(¬5) في "ب": (على).
(¬6) في "أ" "ب": (الشديد).

الصفحة 1028