كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

اطْمِسْ} [يونس: 88]، وقول لوط: {رَبِّ انْصُرْنِي} [المؤمنون: 26]، وإليه ذهب مجاهد وقتادة، وعن ابن عباس ومقاتل: استفتاح الكفار (¬1) كقوله: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ} [يونس: 48] فأتنا به، {فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.
{مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} أي هو على شفا حفرة منها (¬2) ومآله إليها {مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} ممتزج من القيح والدم (¬3)، ووصف الماء به لمعنيين: التشبيه أنه ماء أنتن وتكدّر بالإحماء (¬4) والغلي، والعرب تسمي الماء الحار بالشمس صديدًا، أو الثاني اعتبار حقيقة العنصر، فإن اسم الماء يشتمل على جنس المياهات بهذا (¬5) الاعتبار، ألا ترى سمّوا النطفة ماء.
{يَتَجَرَّعُهُ} يتكلف الشرب قليلًا قليلًا جُرْعَة جرعَة. {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} يستوجبه المتجرع ولا يكاد يستمرئه للتضاد وعدم الإيجاد، ثم تقبله الطبيعة قهرًا لعجزها (¬6) عن دفعه فيفسد المزاج (¬7) ولا علاج، {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} أي يعرض له أسباب الموت من كل جهة وفي كل عضو وعرق ولا يموت (¬8) لوجود الخلود في النار ذات الوقود، {وَمِنْ وَرَائِهِ} سوى هذا العذاب، {عَذَابٌ غَلِيظٌ}.
{مَثَلُ الَّذِينَ} (¬9) أي هذا مثل الذين كفروا على سبيل ترجمة والفصل في الكتاب كقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد: 35]،
¬__________
(¬1) ذكر هذا القول ابن الجوزي في زاد المسير (2/ 507).
(¬2) من قوله: (أي هو) إلى هنا ليست في "أ".
(¬3) قاله مجاهد والضحاك. أخرجه الطبري في تفسيره (13/ 619)، تفسير مجاهد
(ص 410)، ومن طريقه البيهقيِ في البعث والنشور (607).
(¬4) في "أ": (بالأحجار).
(¬5) في الأصل: (بهذه).
(¬6) في الأصل: (لمعجزها).
(¬7) في "أ": (الحجاز).
(¬8) في الأصل: (تموت).
(¬9) في الأصل: (مثل الذين كفروا).

الصفحة 1036