كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
صرف إلى فعل كفّ عن العمل بـ (ما) الكافة، ولا تدخل إلّا على فعل ماض أو حال، وإنما دخل هاهنا (¬1) على الفعل المستقبل لأنه واجب لا محالة؛ فكأنّه ماض. ألا ترى أن أكثر أحوال القيامة مذكررة في القرآن على لفظ الماضي. عن ابن عبّاس: يأتي على الكافر يومٌ يودّ فيه (¬2) لو كان مسلمًا (¬3). أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬4): سألت عن قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2)} قال: يعذّب الله قومًا ممّن كان يعبده ولا يعبد غيره، وقومًا ممن كان يعبد غيره ثم يجمعهم في النار، فيعيّر الذين كانوا يعبدون غير الله الذين (¬5) كانوا يعبدون الله تعالى، فيقول: عذّبنا لأنا عبدنا غيرك، فما أغنى عبادتكم إياه وقد عذَّبكم معنا، فيأذن الربّ للملائكة والنبيّين فيتشفّعون فلا يبقى في النار أحد ممّن كان يعبده إلَّا أخرجه، حتى يتطاول للشفاعة إبليس -يعني لعبادته (¬6) الأولى- يقول: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية (¬7).
{وَيُلْهِهِمُ} يشغلهم {الْأَمَلُ} الطمع. كانت أطماعهم الفاسدة تشغلهم عن التوبة والإنابة فيوعدهم على ذلك، أي (¬8): أصابتهم بعذاب من عنده أو بأيدي المؤمنين.
{إِلَّا وَلَهَا} فذكر (¬9) الواو بعد الاستثناء وقد يحذف إذا كان الكلام
¬__________
(¬1) في "ب": (ههنا).
(¬2) (فيه) ليست في "ب".
(¬3) أخرجه الطبري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (14/ 9)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 80)، وعزاه السيوطي في الدرّ المنثور (4/ 92) إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(¬4) ذكره عن حماد عن إبراهيم مختصرًا الحاكم في "الكنى" كما في "الدرّ المنثور" (8/ 590 - 591).
(¬5) (الذين) ليست في "ي" "أ".
(¬6) في "أ": (إبليس لعبادته الأولى)، وفي "ي": (إبليس لعبادته يعني)، وفي "ب": (إبليس يعني لعبادته يعني الأولى).
(¬7) (الآية) من "ب" "ي".
(¬8) (أي) ليست في "ب".
(¬9) في الأصل و "أ": (يذكر).