كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

مستقبلًا (¬1) بنفسه مَعَ طرح الاستثناء، فأمّا إذا لم يستقل لا يجوز إلا بغير واو؛ كقولك: ما أنت إلا بشرًا (¬2). {كِتَابٌ مَعْلُومٌ} أجل مسمّى.
{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ} نزلت في عبد الله بن أبي (¬3) أُمية والنضر بن الحارث وجماعة من قريش (¬4)، قيل: على زعمك.
وقيل على سبيل الاستهزاء المجنون المستور قلبه أو دماغه بما يضاد العقل من خيال الجن أو فساد الطبع، وإنما وصفوه بذلك (¬5) لخرقه إجماعهم الفاسد وخلافه عادتهم القبيحة.
{لَوْ مَا} بمنزلة (¬6) لولا (¬7) {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ} ظاهرين يعرفون بسيماتهم {إِلَّا بِالْحَقِّ} الملجىء الذي يبطل الرأي والاجتهاد {وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ} إذ (¬8) أنزلناهم على هذا الوجه حقّت على قريش كلمة العذاب،
¬__________
(¬1) في الأصل و"ي": (مستقلًا).
(¬2) القياس أن لا تتوسّط هذه الواو بينهما، كما في قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ} [الشعراء: 208]، وإنما توسطت في الآية لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، وهذا قول أبي البقاء والزمخشرىّ، ولذا ذهب بعض النحويّين إلى أن هذه الواو مزيدة، واحتجّ بقراءة ابن أبي عبلة "إلا لها"بإسقاط الواو.
[الإملاء (2/ 72)، الكشاف (2/ 387)، البحر (5/ 445)].
(¬3) (أبي) ليست في النسخ، بل هي منّا.
(¬4) نقله ابن الجوزي في "زاد المسير" (4/ 383) عن مقاتل.
(¬5) (بذلك) ليست في "ب".
(¬6) (بمنزلة) ليست في "ب".
(¬7) العرب تضع "لوما" موضع "لولا"، وكذلك العكس. ومن ذلك قول ابن مقيل:
لوما الحياءُ ولوما الدين عبتكما ... ببعض مافيكما إذْ عبتما عَوَرِي
أي: لولا الحياء. وهما يترددان بين المعنيَيْن:
الأول: أنهما حرفا تحضيض.
والثاني: أنهما حرفا امتناع؛ لوجود لكن إذا كانتا للتحضيض فلا يليها إلا الفعل، وإذا كانتا للامتناع فلا يليها إلا الأسماء، هذا ما قرّره نحاة البصرة.
[الدر المصون (7/ 143)].
(¬8) (إذ) ليست في الأصل و"ب".

الصفحة 1047