كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
{الْمُسْتَقْدِمِينَ} من (¬1) القرون الماضية و {الْمُسْتَأْخِرِينَ} القرون الباقين عن مجاهد (¬2)، وهم المسارعون في الخيرات والمتثاقلون عنها عن الحسن (¬3)، وهم من يسلم ومن لا يسلم عن سفيان بن عيينة (¬4).
وروى الكلبي عن ابن عباس: أنّها نزلت بالمدينة في الذين قصدوا بيع دُورهم القاصية عن المسجد، واشتروا دورًا قريبة من المسجد لازدحامهم على الصف الأول (¬5)، فعلى هذا القول مكية إلاّ هذه الآية أو الآية نزلت مرّتين.
وعن أبي الجوزاء، عن ابن عباس: نزلت في الذين كانوا يستأخرون في الصلاة إلى الصف الأخير لينظروا في سجودهم من تحت آباطهم إلى امرأة حسناء كانت تشهد الجماعة مع النساء (¬6)، ورُوِيَ موقوفًا على أبي الجوزاء (¬7).
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} اتّصالها بما جرى من ذكر العالم الأكبر حسن عطف العالم الأصغر والنفس عليها، وقيل: لما جرى ذكر المستقدمين والمستأخرين حسن ذكر ابتداء تخليقهم ليكون أوّل الأمر شاهد الآخرة.
¬__________
(¬1) (من) من الأصل.
(¬2) عبد الرزّاق في تفسيره (1/ 348)، وابن جرير (14/ 52).
(¬3) البغوي في تفسيره (377)، وابن الجوزي في زاد المسير (4/ 395).
(¬4) البغوي في تفسيره (377).
(¬5) عزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" (4/ 395) لابن عباس من طريق أبي صالح.
(¬6) الترمذي (3122)، والنسائي (2/ 118)، وفي الكبرى (11273)، وابن ماجه (1046)، وأحمد (1/ 305)، والطيالسي (2835)، وابن جرير (14/ 53، 54)، وعزاه ابن كثير لتفسير ابن أبي حاتم. ورواه كذلك الطبراني في الكبير (12791)، والحاكم (2/ 353)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 98)، والحديث ضعفه الحافظ ابن كثير بقوله: (غريب جدًا فيه نكارة شديدة). ومن المعاصرين محقّقو المسند. أما الشيخ ناصر، فصححه في الصحيحة (2472).
(¬7) أبو الجوزاء أوس بن عبد الله البصري ليس بصحابي، والموقوف لا يكون إلا على الصحابيّ، وسبب النزول هذا رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وتقدَّم ذكر ذلك.