كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{أَلِيمٌ} مؤْلِم (¬1). وقال ابن عرفة: ذو الألم (¬2). {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (¬3) أي: بسبب كونهم (¬4) كاذبين أو مُكذبين.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} نزلت في المنافقين عند أكثر العلماء (¬5). و"إذا" للتوقيت في المستقبل يحل محل الظرف، وقيل: لما يليها من الأفعال على صيغة الماضي. {لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} أي: لا تعملوا بالعمل الفاسد فيها. وفسادُ الشيء: تغيُّرُهُ عن استقامة الحال. والأرض مأخوذٌ من الإراض وهو: البساط. والإرَاض مأخوذٌ منها (¬6). {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} بأن نأتي كلَّ قوم بوجه ونَتَذبذبَ فيما بينهم تقيَّةً على أنفُسِنَا. "وما" في "إنّما" ما الكافة (¬7)
¬__________
(¬1) أليم بمعنى مؤلم معروف في كلام العرب، ومنه قول ذي الرمة:
وَنَرْفَعُ مِنْ صدورِ شَمَرْدَلاتٍ ... يَصُكُّ وجوهها وهجٌ أليمُ
وقول عمرو بن معدكرب الزبيدي:
أَمِنْ رَيْحَانَة الداعي السميعُ ... يُؤَرِّقُني وأصحابي هُجُوعُ
قوله "السميع" أي المسمع - فعيل بمعنى مُفْعِل.
[معاني القرآن للزجاج 1/ 86 - الدر المصون 1/ 130].
(¬2) أبو عبيد الهروي (الغريبين) (1/ 94).
(¬3) كتب في هامش النسخة (ي): {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} في موضع رفع صفة لأليم، وتتعلق الباء بمحذوف تقديره: كائن تكذيبهم أو مستحق). ا. هـ انظر الإملاء للعكبري (17/ 1).
(¬4) قول المؤلف "بسبب كونهم" جعل من كان مصدرًا، بناء على أن "ما" مصدرية ويشهد له قول الشاعر:
بِبَذْلٍ وَحِلْمٍ سادَ في قومه الفتى ... وَكَوْنُكَ إياه عليكَ يَسِيرُ
فقد صرح بالكون.
[شرح الأشموني 1/ 231 - شرح ابن عقيل 1/ 234].
(¬5) وهو الذي رجحه ابن جرير الطبري في تفسيره أنها نزلت في المنافقين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان معنيًا بها كل من كان بمثل صفتهم من المنافقين إلى يوم القيامة [تفسير ابن جرير 298/ 1].
(¬6) الإراض: البساط لأنه يلي الأرض- قاله ابن سيده في المُحْكَم، وآرَضَ الرجُلُ: اْقام على الإرَاض، ومنه حديث أم معبد: "فشربوا حتى آرَضُوا" وقال الأصمعىِ: الإرَاض بالكسر، بساط ضخم من وبر أو صوف [المحكم لابن سيده (أرض) (8/ 222 - اللسان (أرض) 1/ 8].
(¬7) إذا دخلت "ما" على إنَّ وأخواتها كفتها عن العمل إلا "ليت"، وإليه أشار ابن مالك في ألفيّته فقال:
ووصل "ما" بذي الحروفِ مُبْطِلُ ... إعمالها وقد يُبَقَّى العَمَلُ
وعلل سيبويه في ذلك أن هذه الأدوات قد أعملت لاختصاصها بالأسماء ودخول "ما" =

الصفحة 106