كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
فحظر علينا النظر (¬1) إليها بعين الرغبة. رُوِيَ عنه -عليه السلام- أنّه مرّت به غنم في أيّام الربيع، فغطّى كمّه على عينيه، فقيل له في ذلك، فقال: "بهذا أمرني ربّي" (¬2) {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} رجالًا ونساءً، أو ذكورًا وإناثًا، أو سخيًّا وبخيلًا، أو المكتسبين والعاجزين. {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} إنْ لم يُؤمنوا {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} تواضع لهم وليّن جانبك لهم.
{كَمَا أَنْزَلْنَا} التشبيه عائد إلى قوله: {آتَيْنَاكَ سَبْعًا} مجاهد: أهل الكتاب اقتسموا الكتاب (¬3) فيما بينهم، فحذفوا بعضًا وحرّفوا بعضًا (¬4) واختلقوا في بعض ونقلوا على الوجه بعضًا، أي: آتيناك المذكور. {كَمَا أَنْزَلْنَا} الكتاب {عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ} من قبل، وقال ابن زيد (¬5): إنّ المقتسمين هم أصحاب الحجر قوم صالح. {تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل: 49]. وعن ابن عبّاس (¬6): هم الذين اقتسموا وجوه القرآن فيما بينهم، وهم من قريش؛ فزعم بعضهم أنه شعر، وبعضهم أنه سِحر، وبعضهم (¬7) {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)} [الأنعام: 25]، وبعضهم أنه {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] (¬8) تقديره: آتيناك المذكور كما أنزلنا العذاب على هؤلاء المقتسمين المستهزئين.
{جَعَلُوا الْقُرْآنَ} مجاهد: التوراة والإنجيل والقرآن، وقال ابن زيد:
¬__________
(¬1) في "أ": (عليه النظر).
(¬2) ورد قريبًا منه رواه أبو عبيد وابن المنذر عن يحيى بن كثير أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بإبل لحيّ يقال لهم: بنو الملوّح أو بنو المصطلق، قد عبست في أبوالها من السمن، فتقنع بثوبه ومرّ ولم ينظر إليها, لقوله: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [الحجر: 88].
(¬3) (الكتاب) ليست في "ب".
(¬4) (بعضًا) ليست في الأصل.
(¬5) نقله ابن الجوزي عن عبد الرحمن بن زيد (4/ 418).
(¬6) ذكره ابن الجوزي في تفسيره عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفيه رواية أخرى عن ابن عباس ذكرها أيضًا ابن الجوزي عنه: أنهم اليهود والنصارى وبه قال الحسن ومجاهد.
[زاد المسير (4/ 417)].
(¬7) في "ب": (وبعضهم أنه).
(¬8) هذا ورد قريبًا منه عن قتادة عند ابن جرير (14/ 132).