كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)
حِسَابُهُمْ} [الأنبياء: 1] الآية ثم نزلت {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1]، ثم أميلت (¬1) قالت كفار قريش: يا محمَّد تزعم أنه قد اقترب للناس حسابهم والله ما يرى (¬2) مما تقول شيئًا، قال: فنزل {أَتَى أَمْرُ اللهِ} فوثب رسول الله -عليه السلام- (¬3) لا يشك أن العذاب قد أتاهم حتى قال له جبريل -عليه السلام-: {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4).
{أَنْ أَنْذِرُوا} المشركين (¬5)، فإن إعلامهم بتوحيد (¬6) الله هو الموجب للخوف لما هم فيه من الباطل.
{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} عن ابن عباس: أن النبي -عليه السلام- ذكر لقريش القرون الماضية وماذا أهلكوا به وقال: ثم يعيدهم الله خلقًا جديدًا بعد الموت يوم القيامة، فأخذ أُبي بن خلف عظمًا باليًا نخرًا يتحات بلى فجعل يفته بيده ويذريه في الرياح ويقول: عجبًا لمحمد يزعم أنه يعيدنا إذا كنا عظامًا ورفاتًا بمنزلة هذا العظم البالي، وإنما يعاد خلقًا جديدًا إلى الدنيا فتنفخ الروح! هذا والله لا يكون أبدًا، فنزل في ذلك: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} [يس: 77] {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا} بالعظم {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} [يس: 78]، الأول (¬7).
{دِفْءٌ} نسل كل دابة، عن ابن عباس (¬8)، وقيل: نتاج الإبل وألبانها (¬9)، وقيل: سخونة أوبارها وأشعارها يستدفئونها.
¬__________
(¬1) في "ب" "ي": (أمهلت).
(¬2) في "ب": (نرى).
(¬3) في "ب": (- صلى الله عليه وسلم -).
(¬4) (- صلى الله عليه وسلم -) من "ب".
(¬5) ذكره القرطبي في تفسيره عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (10/ 66) وقريبًا منه في "زاد المسير" (4/ 426).
(¬6) في "ب": (توحيد)، وفي "ي": (وحيد).
(¬7) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير في قصة أُبي بن خلف ولم يسنده إلى ابن عباس.
[زاد المسير (2/ 550)].
(¬8) عبد الرزاق في تفسيره (1/ 353)، وابن جرير (14/ 167)، وروي عن ابن عباس قال: الدفء: الثياب، ابن جرير (14/ 166).
(¬9) روي ذلك عن مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 167) وهو الذي حكاه ابن فارس =