كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

هذا الخير الذي يدعو إِليه؟ فكانوا يقولون: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا في هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} فكانوا يسألون ما هذه الحسنة؟ فكانوا يقولون: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} الآية (¬1).
{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} في التفسير أن نُمرود بن كَنعانَ كان بني صرحًا ببابل يمكر به ويسخر ويهمس (¬2)، عن ابن وهب: كان طولهُ في السماء خمسة آلاف ذراع (¬3)، وعن كعب: كان فرسخين، فهبت ريح فألقت رأسه وخرّ عليهم الباقي من فوقهم (¬4)، ويحتمل أن ذكر البنيان وهدمه على وجه التمثيل والاستعارة كنقض الغزل.
{الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} هم الراسخون من جملة المؤمنين يستدلون بهذا الخطاب يوم القيامة أن الكفار المخصوصون بالزجر والإنكار وإدخال النار.
{هَلْ يَنْظُرُونَ} استفهام بمعنى اللوم والتقريع.
{وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ (¬5)} دون أمره وإذنه {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي هكذا احتج بالتقدير عند التذكير ولزوم النكير لرفع التعيير الذين كانوا من قبلهم.
وإنما جاز قوله: {فَإِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي} جزاء الشرط المذكور لما فيه من الإعلام، أي فاعلم أن الأمر على هذه الصورة وبعد هذه الفترة، أي ليبعث الموتى وليبين على طريق المشاهدة.
{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا في اللهِ} عن ابن عباس نزلت في ستة نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرهم أهل مكة بلال بن رباح المؤذن وعمار بن
¬__________
(¬1) قريبًا منه عن السدي عند ابن أبي حاتم (7/ 2280).
(¬2) عن ابن عباس عند ابن جرير (14/ 204).
(¬3) ذكره القرطبي في تفسيره (10/ 97) عن ابن وهب وعن ابن عباس أيضًا، وزاد: وكان عرضه ثلاثة آلاف.
(¬4) ذكره القرطبي في تفسيره (10/ 97) عن كعب ومقاتل أيضًا.
(¬5) (شيء) من "ب".

الصفحة 1070