كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 3)

{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا} كقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: 136].
{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ} عن ابن عباس أن بني خزاعة وبني كنانة كانوا يزعمون أن الملائكة إناث وأنهم بنات الله (¬1)، تعالى الله (¬2) عما يقولون، {وَلَهُمْ} قيل: الواو للاستئناف، وقيل: للعطف (¬3).
{ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} لكراهتهم البنات فكانت تجمع همومهم في قلوبهم وتتزايد أنفاسهم في صدورهم فيكظمون بها، والمخنوق يسود وجهه باجتماع الدم المخنوق الكثير في بشرته.
{يَتَوَارَى} يختفي بما يواري {أَيُمْسِكُهُ} وترتب (أم) عليها لإثبات إحدى الحالتين حقيقة وضرورة لا بعضها، ومجازة. إما ليفعلن (¬4) كذا وإما ليفعلن كذا (¬5)، {هُونٍ} هوان، والهاء عائدة إلى ما بشر به، و (الدّس): إدخال الشيء في الشيء، كانوا يقتلون أولادهم خشية إملاق فأنزل {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8)} [التكوير: 8]. {أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} نسبة البنات إلى الله تعالى، أو وأد البنات وقيل لسوء وصفهم الباطل والدون (¬6).
{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} (¬7) وصفة الصدق والحق، قال الله تعالى: {مَا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] الآية.
¬__________
(¬1) ذكره القرطبي (10/ 103) دون نسبة لأحد، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير (2/ 567).
(¬2) (الله) من "ب" فقط.
(¬3) جَوَّز الفراء والحوفي والزمخشري وأبو البقاء أن تكون الواو عاطفة فتكون "ما" منصوبة المحل عطفًا على "البنات" و"لهم" عطف على "لله" أي: ويجعلون لهم ما يشتهون.
[معاني القرآن للفراء (2/ 105)، الكشاف (2/ 414)، الإملاء (2/ 82)].
(¬4) في "ب" "أ": (لتفعلن).
(¬5) في "ب": (كذا هو).
(¬6) (والدون) ليست في "ب".
(¬7) (ولله المثل الأعلى) ليست في "أ".

الصفحة 1073